| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

                                                                                    الأحد 13/3/ 2011



 ديمقراطية الهراوات و ضرب النساء علناً !

د. مهند البراك 
 

رغم ما شهدته البلاد طيلة الأسبوعين الماضيين و حتى الآن من تظاهرات سلمية متنوعة، جابت و تجوب أنحاء البلاد مطالبة بالإصلاح والتغيير والقضاء على الفساد المستشري في مفاصل الدولة . . التي ينظمها شباب من طلبة و اعلاميين و مثقفين مستقلين و تقدميين رجالاً و نساءً عبر مواقع التواصل الاجتماعي . . و تعكس باسلوب مدني حقيقة معاناة اوسع الأوساط الشعبية الكادحة و مطالبها العادلة المنصوص عليها دستورياً، والتي لم تحققها برامج حكومة رئيس الوزراء المالكي ، طيلة رئاسته الأولى (*) و استمرار مواصلته لرئاسته طيلة عام بعد انتهائها، ثم استمرار مواصلته الثانية التي ستستمر اربع سنوات . .

و رغم كون التظاهرات سلمية و لم تستخدم عنفاً ما و لم تطالبه بالإستقالة، ولا باسقاط الحكومة، و رغم وصف العديد من الهيئات و الشخصيات العالمية، و عديد من الشخصيات السياسية العراقية لها، من داخل و خارج العملية السياسية، بكونها برهان على بدء نجاح الإسلوب الديمقراطي في حكم البلاد، من خلال النقد و احترام الرأي و تنفيذ مطالب الجماهير بعد دراستها، لتعديل و تصويب مسيرة الحكم .

فإن التهيؤ للوقوف ضدها و مواجهته ايّاها من موقعه كرئيس وزراء بصلاحياته و اجهزته، التي بدأت بوصمها بكونها (من القاعدة و البعثيين) و تحذّر المواطنين من المشاركة فيها، مروراً بانواع الإعاقة و قطع الشوارع، ثم الهجوم على المتظاهرين بالضرب و الرصاص الحي و سقوط شهداء و جرحى، و البدء باعتقال و اختطاف و تعذيب بشع للمنظمين و البارزين فيها. . و وصلت في "جمعة الإصرار" الى ضرب النساء المشاركات علناً، بالهراوات . .

اضافة الى حزم غير متوقعة من اجراءات قمع و كمّ الأفواه الجماعي، وصلت حد غلق مقرات الحزب الشيوعي العراقي و حزب الأمة و صحيفة " طريق الشعب "، بالقوة المسلحة . . رغم انها من المشاركين الفعالين في العملية السياسية و العاملين على دعم الأصول الديمقراطية الليبرالية في الحياة السياسية و نبذ العنف . . مثيرة بذلك احتجاجات داخلية و لقوى ديمقراطية اقليمية و دولية، اضافة الى منظمة العفو الدولية، النقابات العمالية البريطانية . . و غيرها، وفق وكالات الأنباء .

و لم يترك ذلك الاّ انطباعات عند جماهير متزايدة، قد لم يدركها او يحسبها مالك السلطة الحالي، رغم وضوح ماهيّة اعمال و سلوك و الى اين تسير بالبلاد . . انطباعات توضّح بأنه يتّبع سياسة ترضية و مماطلة و وعود، و كونه سائر على نهج اصرار على الزعامة بما فيها محاولة احتكارها و التطير من الإستهداف. اما القائه العهدة على القوانين، فهو رغم معقوليته الجزئية فيما يجري الآن، الاّ ان ذلك لا يمكن ان يعفيه من انه هو من ابرز قياديي العملية السياسية منذ بدايتها، و رئيس الوزراء و قائد العسكريتاريا منذ عام 2006 و الى الآن . . وانه لم يقدّم ارضية عملية من خلال تطبيقات تُقتدى لتفرض تعديل القوانين لصالح الشعب، الاّ بما يؤمن موقعه .

بل بالعكس فإنه واصل عملياً العمل بقوانين الدكتاتورية التي استندت الى " حالات الإستثناء " ، و امنت له شخصياً، سيطرة مكتبه على كل شئ في طريق معبّد بتلك القوانين ـ بعد تعديلاتها لتناسب المرحلة كما يرى ـ ، الأمر الذي يجعل العديد يفسرون طلبه بتفاعل الحكومة و البرلمان، بكونه محاولة لسيطرة الحكومة على البرلمان، بدل تقويته و اصلاح دوره على اساس توافق يتطوّر و ليس جامد، لتأمين مسيرة تنجح للحكم . .

ناسيا ان الوقوف مع الشعب و اسناد الشعب للحكومة، هو الضمانة الأساسية لتقويته امام التدخلات الخارجية بانواعها . . و ان من بيده سلطة الدولة لا يُنتظر منه كلمات التشجيع و تطييب الخواطر فحسب، بل مطلوب منه الجلوس مع اصحاب المطالب و النقاش المباشر معهم و البدء بالعمل لأحقاق حقوقهم لأنه يمتلك سلطة الدولة في الفترة . . عملاً بروح الدستور الذي ساهم هو نفسه مساهمة فعّالة في صياغته .

في وقت تزداد فيه تقديرات مسؤولين عسكريين أميركيين، بان القوات الأميركية ستظل في العراق حتى بعد انقضاء عام 2011 ، حيث يطرح عدد من كبار المسؤولين الأميركيين بينهم السفير الأميركي في العراق جيمس جيفري، في شهاداتهم عن الوضع في العراق في " كابيتول هيل" هذا الشهر، أن العراق لن يصبح في طي نسيان القوات الأميركية، و يطرحون للمرة الأولى إشارات تدل على أن الجيش الأميركي قد يمكث في العراق سنوات اخرى لضمان استقرار الأوضاع فيه بما يؤمّن مطالب شعبه و يرضيه للوقوف بوجه الإرهاب !

في وقت تؤثر فيه احتجاجات الشباب و انتفاضاتهم السلمية الشعبية في اوضاع دول المنطقة و انظمتها بما يؤمن لشعوبها حياة و معيشة افضل بعيداً عن لغة القمع و قعقعة السلاح . . الأمر الذي صار يغيّر من مواقف و سياسات القوى العظمى تجاه دولنا على تنوّع اوضاعها .


12 / 3 / 2011

(*) رغم تحقيقها نجاح عسكري بالتعاون مع الصحوات و بدعم مباشر من القوات الأميركية، ادّت الى فترة من الأمان المؤقت آنذاك .

 


 

free web counter