| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

                                                                                    الأربعاء 13/6/ 2012



مخاطر حكومة (اغلبية)

د. مهند البراك           

في خضم الصراع المحتدم بين القوائم المتنفذة، المطالب بتغيير السيد المالكي كرئيس للوزراء و اقتراح استبداله بشخصية اخرى من نفس الكتلة البرلمانية التي ينتمي اليها، بسبب ما آلت اليه اوضاع البلاد، كتغيير ضمن اطار المحاصصة الطائفية الاثنية المعمول بها  . . ظهرت تصريحات بدأ بها السيد المالكي عن السعي لتشكيل (حكومة اغلبية سياسية) بدل الحكومة التوافقية ـ او حكومة الشراكة ـ ، في حالة استمرار ازمة الحكم و الحكومة . .

                 و يرى مراقبون و خبراء بانه، على الرغم من ان فكرة " حكومة اغلبية " تبدو سليمة لكونها (تمثّل الاغلبية) في الظاهر . . الاّ ان مثل هكذا اغلبية ضمن نظام تحاصصي طائفي عرقي يقوم على اساس المكوّنات الديموغرافية و على اساس كتل متنفذة تنطق باسمها، لايعني ان تحققت الاّ العودة الى حكم عرقي او حكم طائفة بعينها و تسيّدها على بقية الطوائف و الاعراق، و لايعني الاّ العودة الى النظام الشوفيني العرقي العائلي الذي ابتدأت به دكتاتورية صدام . . و يصفه قسم بكونه اخطر مما مضى لكونه يقوم على تشريعات اصولية من دستور و انتخابات و برلمان.

حيث ان مفهومي الاغلبية و الاقلية ضمن نظام المحاصصة المعمول به، هما مفهومان ليسا مطلقين، و انما مفهومان نسبيّان مرتبطان بالنظام المذكور الذي اوجد (مفهوم الصفقات السياسية)، المفهوم الذي لايعني الاّ ان تحقق الصفقة المعينة لابد ان يناسب الحصص الطائفية و العرقية . .

و يرى نشطاء ممن ايّدوا  نظام المحاصصة يوم كان مفيداً بهدف تحقيق اجماع وطني، يرون ان نظام المحاصصة صار معيقاً و خانقاً، بتطور اوضاع البلاد و تغيّر العديد من التوازنات و الموجبات القانونية و الدستورية من جهة، اضافة الى المتغيرات الشعبية و السياسية من جهة اخرى، سواءً في الوضع الداخلي او الاقليمي و الدولي . . طيلة العقد الاخير.

و انه يحتاج الى تعديلات تتطلبها التطورات العاصفة الجارية، تعديلات تحافظ على روحه في تحقيق الوحدة الوطنية على اساس الحقوق و الواجبات. و يرون في ذلك امراً طبيعياً كما يجري في الدول الدستورية المتقدمة التي تغيّر مواداً من دساتيرها خدمة للصالح العام الضاغط من اجل ذلك و عملاً بروح الدستور ذاته .

فيما يرى سياسيون و اوساط متزايدة، ان بقاء نظام المحاصصة الاصم بذاته، لا يعني الاّ البقاء في نفس الحلقة المفرغة، رغم تصاعد صراعات الكتل المتنفذة استناداً اليه. لأن البديل القادم سيأتي وفق نفس النظام و بنفس مسيرته المؤسساتية، و بالتالي فإنه ـ البديل ـ قد لن يخرج عن روحية الاستحواذ على الحكم و احتكاره له او لحزبه او طائفته كما يجري الى الآن، و انه لن يستطيع لوحده ان يحل الازمة العامة للحكم ـ ان استطاع تشذيبها الآن ـ . .

و ان الحل يكمن في اعادة النظر كلياً بنظام المحاصصة الطائفي العرقي المُكرّس للطائفية و العرقية بدلاً من سعيه لتلبية الحقوق من اجل تفاعل المكوّنات لصياغة الموقف الوطني . . و اعتماد الكفاءة و النزاهة بغض النظر عن الهوية المكوناتية الديموغرافية ـ و بضرورة مراعاة ان لا تطغي هوية واحدة منها ـ ، و على اساس الانتماء للهوية الوطنية الواحدة، بلا تمييز او تفريق بين دين و مذهب و قومية، و بلا تمييز بين امرأة و رجل .   

و يرون ان الحل صار يتطلب بالحاح قانون احزاب، يضمن قيام احزاب سياسية ذات مشاريع واضحة توظّف كفاءات البلاد لتلبية حاجات المجتمع الامنية و الاجتماعية و الاقتصادية و الحياتية و السير به نحو افق مشرق و رفاه لشعب يستحقه . . احزاباً لاتتعكّز على اللطميات و البكائيات على ماضٍ مجيد، يتطلب التذكير و التربية الجادّان به قيام مؤسسات على درجة من العلمية و المصداقية، لتحافظ عليه و تستخلص دروسه و عبره الغنية على اساس الحداثة، لمواجهة تحديات اليوم . .

و ليس الإساءة الى ذلك الماضي بتسخيره لأمور دنيوية فئوية او شخصية تسئ اليه، او لمواجهة منافسات حكم انانية و لجمع ثروات بفساد اداري و بسرقات فلكية، وسط توظيف تحشيد مئات الآف المسحوقين المنتظرين للخلاص على يد ائمة اطهار، بسبب غياب عدالة الارض .

 

12 / 6 / 2012

 

 




 


 

 

free web counter