| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

السبت 12/2/ 2011



 مصر يناير: من الفتنة الدينية الى التلاحم الكفاحي !

د. مهند البراك

فيما تتابع الجماهير العريضة أنباء سقوط الدكتاتور مبارك بعد اعتصامات و تجمعات الشبيبة المصرية طلاباً و طالبات، عمالاً و كسبة، وبمشاركة وجوه المجتمع الفكرية و الثقافية والسياسية و النقابية رجالاً و نساءً، اسلاماً و مسيحيين قبطيين ومن كل الوان الطيف المصري . . و تعيش و تشاهد التلاحم الذي لم يعد يقتصر على الشعارات الهاتفة عالياً : عاش تلاحم الهلال مع الصليب . . و انما التلاحم المصيري بين المسيحيين الأقباط و المسلمين، في ساحة الكفاح و مواجهة ألإستبداد . .
نسيت اوساط و اندهشت اخرى و هي تلاحظ تآخي الشعب المصري بكادحيه ومثقفيه، بعسكرييه و مدنييه من اجل الخبز و الكرامة، الديمقراطية و حرية الرأي ، وفي مواجهة قوى مباحث امن الدولة المخيفة و عناصر الأمن الخاص و المخبرين، الذين تسببوا بقتل المئات و جرح الآلاف . .
و مواجهة : عناصر مكافحة الشغب ـ الذين أرغموا حينها على الاختفاء من شوارع القاهرة ـ ، عصابات المخدرات المأجورة و جيش النهّابين و القتلة و المجرمين المحترفين، و "البلطجية" المأتمرين بشكل مباشر بأوامر وزارة الداخلية، الذين كانوا يهاجمون ليلا المعتصمين في ميدان التحرير، وشكّلوا جزءا من اسلحة الدكتاتور وهيكل دولته . .
ففيما تنسى و تندهش أوساط من ذلك التلاحم بعد ان ساد مناخ الفتن الدينية الخطير في البلاد، و ترددت اصداؤه في العالم ـ كما في مذبحة كنيسة " سيدة النجاة " في بغداد ـ . . ترى اوساط خبيرة، ان الشعب المصري الكادح ككل الشعوب العربية و شعوب المنطقة، لاتزال على تلاحمها المعروفة به اثناء سنوات الكفاح الوطني ضد الإستعمار و في معارك الحريات المستمرة الى الآن، حيث في تلك المعارك يجري تقرير مصير و حياة الجميع، الذين لابد ان يتوحّدوا لأجل انتصار قضيتهم المشتركة . . بل ان الشعب المصري قفز على (الأحزاب الأنيقة) و (احزاب الصالونات) التي ليس لها اسس شعبية . . و تخطى اختلافات سياسيي المكاتب البعيدين بتنظيراتهم و غنائمهم عن حقيقة مآسي الشارع و حاجاته و آمانيه، البعيدين عن مكامن آلامه و افراحه و احلامه المشروعة، برجاله و نسائه.
و ترى في ذلك اثبات جديد على ان الفتن الدينية و الطائفية يُخطّطٌ لها للتنفيذ، من جهات مستفيدة متنفذة عليا داخلية و خارجية . . لتفتيت الشعب و حرف صراعه عن مجراه الطبيعي السائر على درب مواجهة المُستغَلّين للمستغِليّن، كما يجري في كل العالم . . حرفه الى صراعات في متاهات و مجارٍ بعيدة عن حقوقه، لا تفتت الاّ المعارضة ولا يستفيد منها الاّ تلك الجهات .
و تتناقل مصادر متنوعة اخباراً تفيد بان الهجمات المتتابعة التي تعرض لها المسيحيون الأقباط وكنائسهم في الشهور التي سبقت اندلاع احتجاجات يناير، و خلقت مناخات خطيرة للفتنة الدينية. . بكونها شابهت الى حد كبير اساليب، توقيتات و آليات الهجوم على الجماهير في الإحتجاجات و المظاهرات و المواجهات التي اتسعت و انتهت بسقوط طاغية مصر. الأمر الذي يثير تساؤلات مشروعة تفيد، هل أن مرتكبي جرائم تلك الفتن الدينية الذين اختفوا من مسرح الأحداث حينها، انشغلوا بسبب تنفيذهم مهمات عنفية لمواجهة ثورة يناير السلمية ؟!
و هل هي ياترى من صنع اجهزة الرئيس السابق مبارك (1)، الذي اتّبع نهج غض النظر و كأن تلك الأمور لاتعنيه، بقدر ما كان يعنيه تطبيق بنود ( الديمقراطية و بنود الدستور )، لإجراء تغيّر (دستوري قانوني هادئ) يبعده عن طائلة التحقيق في جرائم الإختلاس و الفساد الإداري و تكوين اوليغارشية عائلية حاكمة عاشت و تعيش على قوت الشعب الجائع، التي لابد و ان يُكشف النقاب عن حقائقها الرهيبة، بعد ان رحل مبارك عن السلطة . .
في ظروف تشهد فيها مصر صراعات حادة بين احتكارات دولية متعددة الجنسية : تكنولوجية صناعية، واحتكارات نفطية مالية اسلامية و اخرى اسرائيلية غربية و غيرها . . تركت و تترك اثارها الواضحة على تذبذب مواقف الإدارة الأميركية و تباين مواقف دول الغرب الليبرالي و عدد من دول المنطقة من ثورة الشباب السلمية . .
التي واصلت تصاعدها و توسعها ولم تقتصر على اعتصام و تظاهرات ميدان التحرير في القاهرة، بل انها توسعت بتواصل الى اهم المدن و المراكز المصرية وخاصة الإسماعيلية و بور سعيد و السويس و قنا و اخيراً حلوان و المحلة الكبرى الصناعيتين، و وصلت حد تهديد عمال و منتسبي قناة السويس بالإضراب الكامل الذي كان سيشلّها بالكامل . . و تطورت الى صدامات عنيفة متواصلة مع قوى الأمن التي حاولت ان تبقى بعيداً عن الكاميرات . .
و فيما داست ثورة الشباب السلمية على الفتن الدينية، لايزال السؤال قائماً حول هل سيكون هذا التلاحم اساساً لبدء وحدة معارضة مبارك الشبابية و الديمقراطية المصرية باطرافها الأكثر اخلاصاً وثباتاً لقضية الحريات و العدالة الإجتماعية بعد تنحي الدكتاتور . . لتكون قادرة على تواصل تعبئة الشارع المصري بشكل موحّد، للإتيان ببديل ملموس للدكتاتورية يستطيع تغيير الهياكل الأساسية الداخلية القائمة رغم انهيار بعضها، في ظل وجود صراع الإحتكارات العالية التأثير المارة الذكر . . بعيداً عن احتمالات تمسك المجلس العسكري بالسلطة التي تنازل عنها مبارك له، و عن احتمالات تواصل سريان أحكام الطوارئ و تواصل العمل ؟!



1 / 2 / 2011


(1)
تشير وكالات انباء اقليمية و دولية نقلاً عن مصادر بريطانية، الى مسؤولية وزير الداخلية المقال حبيب العادلي، عن تشكيل جهاز خاص سري يديره 22 ضابطاً، وفي عداده افراد من جماعات اسلامية متطرفة، تجار مخدرات، فرق امنية، مجرمين خطرين عاديين . . للقيام باعمال تخريبية عند حاجة السلطة اليها، وان الجهاز هو المسؤول عن تفجير " كنيسة القديسين " ليلة رأس السنة في الإسكندرية .

 


 

free web counter