| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ماجد لفته العبيدي

Majid.sha61@hotmail.com

 

 

 

 

الثلاثاء 9/ 10/ 2007

 

 


الشاعر كاظم إسماعيل اﻠﮔاطع رائد من رواد الشعر الشعبي العراقي


ماجد لفته العبيدي

الشاعر كاظم إسماعيل اﻠﮔاطع انحدر من الجنوب وتلحف في بردي الاهوار ، وظلت رائحة الأرض تعبق بأجواء قصائده التي نظمها في مدينة الثورة ، كانت بداياته الشعرية الاولى ردود أفعال لفشل تجربة عاطفية إنسانية ، لفتى شاب كان يمارس رياضة كرة القدم ، فكتب أول قصيدة بعنوان [ انتهينه ] في 1967 ، والتي جعلته يقف إلى جانب الشعراء المعروفين في مدينة الثورة ، أمثال الشعراء عريان السيد خلف ، وجمعة ألحلفي ، وكريم العراقي ،. وقد سهل عليه التردد على مقهى (الميثاق) في مدينة الثورة ، في التعرف على الشعراء شاكر السماوي وعريان السيد خلف وجمعة الحلفي وآخرين.
تعلم كاظم إسماعيل الكاطع من مدرسة الحياة ، الكثير والكثير من القيم والمعاني الإنسانية التي جسدها في قصائده ، ومثله مثل كل الأدباء والشعراء والفنانين والمثقفين من ابناء الشعب العراقي ، من الديمقراطيين واليساريين و الوطنيين ، الذين حاصرتهم الدكتاتورية و تعرضوا إلى الملاحقة والاستجواب والاعتقال لإجبارهم على التخلي عن خياراتهم الفكرية والسياسية ولتعطيل ابداعهم الإنساني، و تم سحقهم تحت جنازير الإلة البربرية السلطوية التي لاترحم ، ولم تكتف هذه السلطات بمنعهم من مواصلة مسيرتهم الإبداعية الوجدانية وحسب ، بل دفعت البعض منهم إلى الانزواء بعيدا عن الاضواء، و قبل البعض الأخر الاستمرار في ممارسة لعبة (القط والفأر) على مضض من خلال الاختفاء والظهور والابتعاد عن عيون الفضوليين من اعوان النظام ، و ظل الجلادون ممسكون برقاب الكثيرين منهم يسحبونها ويشدونها متى شاؤا، مواصلين اذلالهم وتحطيمهم لكل ماهو ادمي وانساني في تكوين الشخصية الوطنية العراقية .
وقد عملت الديكتاتورية و مؤسساتها على وضعهم على حافة الشظف والفاقة ،مما دفعهم إلى مزاولة مختلف الأعمال لضمان استمرار حياة عوائلهم واطفالهم ، وكانت عملية محاربة الإنسان العراقي في رزقه اليومي وقوته ، هي واحدة من أبشع الوسائل التي ورثتها الديكتاتورية الفاشية الصدامية من تجارب الأنظمة الدكتاتورية الشمولية ، ولم تتوان إلة الأعلام الدكتاتورية الحربية ومؤوسساتها القمعية عن خنق ووأد إي نفس وطني عراقي ، مضيفة حصارا أخرى للحصار الذي يتعرض له الوطن الشعب العراقي .
وعلى الرغم من كل هذه التجارب العامة المؤلمة والتجارب الشخصية المريرة التي عانى منها الشاعر كاظم إسماعيل اﻠﮔاطع ، الاانه ظل يطارد الحلم بين خيوط الدخان المتصاعدة من بيوت الفقراء الكادحين بمدينة الثورة المترامية الأطراف التي تحلم بغد أفضل كباقي المدن العراقية .
أصدر كاظم اسماعيل اﻠﮔاطع، ديوانه الاول في عام 1968 ،و كتب في تلك الفتره واحدة من أجمل قصائده الشعبية التي كانت بعنوان (لو نمشي طول العمر) والتي غناها الفنان سعدون جابر والمشهورة باسم ( اللي مضيع ذهب ) ، والتي عالج فيها الشاعر لأول مرة الغربة في مطلع السبعينات فكتب يقول :

بالغربهْ شِفت التَعب وإتعلٌمت معناه
وإتعلٌمت عالسهرْ .. والسكتهْ .. والصفناهْ
ذلٌيت ذلْ النهر من ينكَطع مجراهْ
وإعرفت كل شي إعرفتْ
حتىٌ النخلْ ينحني لريح السفرْ من يجي
وجايب غريب إوياهْ
ألله !! يا هالوطن شمسٌوي بيٌه ألله
نيرانه مثل الثلجْ
كلما تدكْ عالضلعْ
أبرد وكَول إشٌاهْ
إللٌي إمضيٌع ذهب!!
بسوكَ الذهبْ يلكَــــــاهْ
وإللي مفاركْ محبْ ...
يمكن سنهْ وينســــــاهْ
.. والطاح منٌه الكَلبْ
قلب إصطناعي إنلكًه ويشكٌلونه إهنـــاهْ
بس إل مضيٌع وطــــــــــــــنْ
وين الوطن يلكَـــــــاه ؟ ؟ ؟

في هذه القصيدة الشعبية التي انتقى شاعرنا بعناية كلماتها العامية البسيطة السهلة الفهم على المتلقي ،يحاول من خلالها الشاعر رسم العديد من الصور المتداخلة التي تمثل الحالة الوجدانية للمغترب وعملية ارتباطه بالوطن ، والتي تمثل ارتباط النهر بمجراه ، ومن ثم انتقل الشاعر إلى صورة أخرى تمثل هول الغربة وثقلها ، الذي يمثله انحناء النخيل لريح السفر ، وعبر هذه الصور نقلنا الشاعر كاظم إسماعيل من خلال تتشبيهه الجميل إلى عالم الواقع واحداثه اليومية ، فتجده يشبه ألالام واحزان الوطن ، بالنيران التي تشبه الثلج الذي يلامس اضلاعه فيرتجف من البرد ، ، هذه الصورة توضح علاقة الإنسان بهويته وعنوانه الوطني، لقد ابدع الشاعر أﻠﮔاطع في تصويره للحالة الإنسانية للمهاجرين والمغتربين العراقيين ، من خلال هذه الصور الشعرية الجميلة ليفك عبرها طلاسم الارتباط الشديد بين المواطن والوطن ،من خلال تعريف شعري مبسط للهوية الوطنية .

آه ياوطن يا خبز يالشارتك تكتل !!
آه يا وطن يا طفل ..
هِنياله منْ صاغ إلك نبض الكَلب جنجل !!
يا وطن .. زٌفة كَمر
ياعراق زَفة كَمر
ونجوم إلهْ إتهلهلْ !!
عذبٌني ما عذبٌك ..
إكتلتني ما أكتلك ..
طبع اليحب ينكتل موش اليحب يكتل

***
آه يا وطن يا جَذِر !!
والجذر هم بيه طبع ..
لو مات من العطش للوادي ماينزل !!
علٌمني إل فراﮒ
أعزف لحن غربتي إبقيثارة أشواﮒ
أسهر \ وحن\ وأنفعل
وأتمنىٌ واشتاﮒ
مامش مثل ديرتي
لو نمشي طول العمر !!!
ماﺘﻠﮔه مثل إعراﮔنا إعراگ !!!

لقد استخدم الشاعر الموروث الشعبي ووظفه ببراعة في قصيدته ، من خلال علاقة الجنجل بالطفل وهي عادة قديمة يعرفها ابناء الريف والمدينة معا ،و كذلك من خلال تصويره (الزفة) العرس ، و استعارته للكمر العريس الذي تهلهل له النجوم ، وهي لازمة شعبية يرددها الجنوبيون والعراقيون حين يزفون العريس إلى عروسه، بقولهم ( ونجومه يمك ﻴﮔﻤر ) ، وعبر هذه الصور السريعة ينقلك الشاعر بشكل سلس عبر بانوراما لصور جميلة ومؤلمة يتذكر فيها الشاعر الوطن الذي يظل مرتبط به كارتباط الجذز بالارض ، وعلى الرغم من كل معانانته الإنسانية ولكنه لم يجد مثل عراقه ( الوطن) ، عراق اخر بديل عنه في المنافي والمهجر .

لقد حاول الشاعر إيصال صوته للمتلقي ليس من خلال تمسكه بالمفردات الشعبية القديمة، بقدر ما عمل على تطويع اللغة العامية المحكية في قصيدته المصورة التي افردت له مكان خاص في عالم الشعر الشعبي العراقي ، وظل يبحث في قاموس العامية الدارجة عن الكلمة المتداولة لكتابتها في قصائده ، لتصبح مفهومة لابناء المدينة الذين تصعب عليهم مفردات الحسجة القديمة .
وفي قصيدة (ملفته للإنتباه) ، يحاول الشاعر كاظم إسماعيل عبر هذا الوصف الجميل ، إن يحمل بيده ريشة الرسام الذي يرسم بانامله الرقيقة لوحة لحبيبته تعبر عن وجدانيته وعواطفه الإنسانية ، وهو من جديد يستعير التشبيه للجمال الالهي ، من خلال صورته الشعرية الجميلة (وبالرسم طوٌل خلكَ بيــج الإلــه ) ، ثم ينتقل بنا أيضا انتقاله سريعة وهو يحمل كامرته ليصور المشاهد و يرصد حركة إبطاله على مسرح الإحداث، مقربا الصور تارة ويبعدها ترة أخرى( من بعيد إنتي جميله !! .... من قريب إنتي جميله !!)

مثل شبوي المسه بعطره وشذاه
حبـٌه.. حبـٌه وكَطره .. كَطره
وبالرسم طوٌل خلكَ بيــج الإلــه
صوٌر عيونج مواني
وبيها عاف الليل نومه وذب غطــاه
من بعيد إنتي جميله !!
من قريب إنتي جميله !!
واكَفه .. تمشين حلوه
والحلو وجهه يبيٌن من كَفــاه

كتب الشاعر العديد من قصائد الرثاء ، فقد رثى زوجته زكية وابنه حيدر ، وصديقه الشاعر كاظم ألركابي، والفنان رياض احمد ، وتعتبر مرثية زوجته زكية واحدة من قصائده الإبداعية ، التي جاءت ضمن مجموعته الشعرية (غاب اﻠﮔﻤﺭ) 2004المهداة لزوجته زكية .. كتب في قصيدة (القلب).. يقول:

ما ذكرتج الا والدمعات صبت
ما ذكرتج.. الا والسهلات صعبت
عود سيجتج بروحي
والمنايا اعليج مدري شلون طبت

وفي مقطع التالي من القصيدة يكتب الشاعر بلغة الرواي الحوار الذي دار بينه وبين الدفان المعفر بتراب القبور ، والمنبعثة منه رائحة الموت ، حيث يقول :

زكية احجيت قصتها على الدفان
لكن بالحجي الدفان ما صدﮒ
يا ﮔﺍع النجف وشكثر بيج اسرار
نحسدهه الصبرهه اشعجب ما تزهگ
ممصدگ غرفتج تبقى كلها اتراب
واخشاب العرس تابوت الج تندگ

لقد جسد الشاعر عبر صوره الشعرية المكان بكل تفاصيله ، بتصويره عملية الدفن و تفاصيل المقبرة و تحملها أعباء الحفاظ على اسرار ساكنيها الذين يعدون بالملايين في مقبرة النجف الاشرف ، وبينما كان الشاعر يسير بين القبور في النجف الاشرف وهو يحمل نعش زوجته ، استعاد في مخيتلته تفاصيل غرفتها في بغداد ، ليجد نفسه وسط غرفة زوجته التي يغطيها التراب بعد رحيلها عنه إلى العالم الأخر، واستطاع الشاعر عبر مخيلته الشعرية استعادة تفاصيل الصدمة وحالة الذهول التي انتابته برحيل زوجته ، وهي عملية معقدة استطاع الشاعر اﻠﮔﺍطع عبر تمكنه من أدواته توظيف العديد من الصور الشعرية المتميزه للخوض في تفاصيل هذه الحالة الإنسانية .
إن الشاعر في انتقالاته عبر تفاصيل المكان يجعلك تتصور انك تتابع لقطات من مسلسلل تلفزيونيي يعرض عليك تفاصيل تشيع جنازة حيث تدخل إلى المقبرة لدفنها ، وهو يعرض لقطات لمكان ( المقبرة ) من أماكن مختلفة .
اما في مرثية ولده حيدر ... والتي غناها المطرب العراقي الكبير فؤاد سالم ، تجد الشاعر كاظم إسماعيل ، يكتب واحدة من أجمل قصائده التي تجسد سعة مخيلته في تصوير موضوعة القصيدة ، والتي أسماها ( مرثية العام الدراسي ...حيدر ) .

بدى العام الدراسي وبدت الهموم
وبيتي عالمدارس بابه صاير
نسيت ...وداعتك جيت اشتري هدوم
الك ...ومحضر اقلام ودفاتر
مو تسمع قيام ...وليش ماتكَوم؟
ومر اسمك ولا من كَال ...حاضر
الشمس طلعت علينا...مو وكت نوم
وهم عدكم صبح يا اهل المكَابر
وهم عدكم ...ضوه ...وشباج ...ونجوم
وهم ينطونكم واجب ال باجر ؟

عبر هذه الصور الشعرية يتجاهل الشاعر موت ولده حيدر، ويتعامل معه على انه حاضر معه يخاطبه ، ولكنه في الوقت نفسه يدرك ذلك الحلم ويرجع ثانية إلى ارض الواقع للقبول بهذه الحقيقة ، ولكنه يصر على إن ولده لم يبلغ لحضور المدرسة ، فيحمل اللوازم المدرسية إلى المقبرة ، ليتساءل عن حياة سكان المقابر وطبيعتها ، لقد كانت هذه قراءة سريالية لتفاصيل الموت وتداعياته وعلاقته في الزمان والمكان في قصيدة الشاعر كاظم إسماعيل .

الوالد بالوداع يصير مهموم ...وانا اثنينهن والد وشاعر
خيلك طشرتني وجنت ملموم ...وصارت طيحتي بين الحوافر
اذا عشرين يوم وما شفت نوم...شيظل بالحيل بالعشره الاواخر ؟
فراش الفاتحه لو شفته ملموم ...بنص كَلوبنا تلكَى الجوادر
يمنه المصبغه ..ودينه لهدوم
الحزنك مشترينه قماش حاضر
تمنيتك جرح ...كلساع ملجوم
وتبات الليل بشفاف الخناجر
انا يا بوي من ونيت مالوم ...نزل مني دمع يعمي النواظر
خدودي متعوده تتندى كل يوم ...وتحب الماي خشبات الكَناطر
لمت الروح بس شفادني اللوم...شلحك ؟ وبسفينة الموت عابر
المنايا عالسطح وعيونها تحوم...عليك ...ونزلتلك نسر كاسر
ستر الله نغط بديارنا البوم...اخذ عين الكَلاده وراح طاير
ديني حلاتك حلو الرسوم...بلكي انعشك دنيانا مظاهر
اظل كاظم وصبري وياي مكظوم...لوما هالخشب جوه الاظافر
اهن كاسين بهن كاس مسموم...خاف اغلط وبالمسموم اكاسر
بعنه البيت ريت البيت مهجوم....وريت اكثر بعد من هالخساير
تحب انت اللعب والكبر ملموم ...شلون تحملت وشلون صابر؟
وليش من الهوى يابوي محروم ...ونسمات الهوى تطيب الخاطر
من هو ؟ الشوفك صورة المعدوم...وليش تعلكَت ياشاب يا قاصر
ما ظنيت زرعي يروح فد يوم ...وعصافير الحزن تگضي البيادر
من اكتب قصيده تزيد الغيوم...ومن عيني الدمع يملي الدفاتر
يبقى بهل مطر ياشعر منظوم...نصاري الحسين وبحر وافر

من خلال هذه الأبيات الشعرية يتابع الشاعر، خيط الحزن الذي يبدأ من صبغ الملابس في اللون الأسود ، وهو جزء من الاعراف التي تمثل الحزن الشديد على فقيد عزيز، وهنا استخدام اللون الأسود للتميز به شدة الحزن من خلال تغيير الالوان عبر عملية الصبغ وهي جزء من تقاليد العراقيين الذي تميز امهاتهم خصوصا في الجنوب في ارتداء اللون الأسود ، وهذه عملية صبغ الملابس وقص الشعر جزء من الاعراف للتبيان شدة الحزن على الموتى . وفي صورة أخرى يحاول الشاعر تصوير المفاجاة وهول الصدمة وسرعة حدوث الحدث ، إي معالجة الزمن وعلاقته في المكان ، من خلال تصوير لحظة الموت في السفينة العابرة، والنسر الكاسر والبوم ، والبوم في الموروث الشعبي دالة على التشاؤم ، يحاول إن يبين شدة حزنه على ولده ، ما يشبه تجرع السم ، وفي القصيدة إشارة إلى اغتيال ولده بقوله(من هو ؟ الشوفك صورة المعدوم...وليش تعلكَت ياشاب يا قاصر) ، وتملك هذه القصيدة موسيقى جميلة ، إن الشاعر حينما نظمها كان يحدي في كتابتها ، وعلى الرغم من الفجيعة والطابع الحزين الذي يطبع القصيدة ، فاتها تشكل جزءا من الهدهدة ( النواعي ) التي تهون عليه الفجيعته . فيسعى إلى مقارنتها في الفجيعة الأكبر للحسين الشهيد ، وهي استعارة أضفت للقصيدة قوة اضافية ، واوصلت للمتلقى مدى الحيف الذي وقع على الشاعر بهذه الفجيعة الإنسانية .

وفي مرثية الفنان رياض احمد ، يحاول الشاعر تسليط الضوء على رحيل المطرب العراقي رياض احمد ، الذي ظل حيا يسمعه العراقيون ، وهو يستعير من الموروث الشعبي عملية تناسخ الروح، ليرينا من خلال صوره الشعرية ان الفنان رياض احمد يخرج من قبره ليتجول في الشوارع حزينا ، وهو يغني ليرثي نفسه ، لقد تحدث الشاعر بلسان المغني ليبوح بما لايستطيع بوحه عن ملابسات وفاة الفنان رياض احمد و هي اشارة أيضا إلى الرقابة الشاملة التي تلاحق المواطنين ولم يتخلص منها الا سكان المقابر الذين هم خارج نطاقها ، انها استعارة جميلة استطاع من خلالها تسجيل موقفه من الإحداث المحيطة به .

يجي صوتك يجي بالليل
يمشي بشارع الوحدة
يجي صوتك يجي بالليل
شفنه ادموعنه بخده
مشى صوتك عبر هالليل
زار المكبرة اشعنده
تخيل صوتك ويرثيك
من يكدر يصبره ويكدر ايرده

وفي قصيدة ( التاجر) حاول الشاعر كاظم اسماعيل الكاطع، توصيف قضية إنسانية تتعلق في تجارة الحرب التي باعت فيها الدكتاتورية الناس في حروبها الهوجاء ، ثم تخلت عنهم بعد إن فقدوا ما يساعدهم على العمل ، وبعدها رمتهم على قارعة الطريق ، والقصيدة عبارة عن قصة قصيرة مصورة ، عبر فيها الشاعر بصورة غير مباشرة عن حالة الاستلاب الاانسانية .

اتريكت باﮔه صبر وﮔﻼص هم
وتوكلت يارب عليك
غبشه نعسانه الشوارع ومدري
يانثيه ابفجر دم تشتهيك
اتذكرت _تاجر_اعرفه ﮔلي من اتبيع
روحك مرلي بالكت اشتريك
وتمت الصفقه اشتراني وحصتي هم رد اخذها
وفكر ابمشروع بيه ادخل شريك
وﮔام يمليلي ابشروطه ما اريد وما اريد
وما اريد ايدك طويله ﮔتله اﮔصرها واجيك
واﮔطعتها من المتن وارجعت ابشره
وانذهل هــــــــــــــــاوين ايديك
ﮔتله عد عينك شلتها
ﮔالي جا شلي بيك
ﮔالي جا شلي بيــــــــــــــــــك

تعتبر قصيدة ( مامرتاح ) من أجمل القصائد التي حول فيها الشاعر محاورة هواجسه ، وابداءه القلق من محيطه الذي يحاصره ويحسب عليه انفاسه ، فاختلطت عليه الصور مع إي منهم يصارع؛ صديقه الذي يتنظر سقوطه ، ام عدوه الذي يجهد لاسقاطه ، والشاعر يقع بين هواجس الدفاع الغريزي وعملية جلد ألذات ، ليكتب بعدها واحدة من اروع القصائد التي تعالج عملية الصراع السياسي المعقد على الرغم من الصور الغير مباشرة لهذه القصيدة ، الا انها مقاربة لقصيدة مظفر [البراءة] مع الأخذ بنظر الاعتبار الحالة الإنسانية والظروف التي كتب بها الشاعران قصيدتهما ، ويقول الشاعر في قصيدته ؛

ما مرتاح .. ما مرتاح .. مامرتاح
عيوني تستحي بس الدموع اوكاح
ما مرتـــــــــاح
منٌك.. منٌي .. من الجاي من الراح
ما مرتــــــــاح
عركه وي الزمن ورجعنه مكسورين !!
وبعيده المسافه وينٌسي اللٌي طاح ..

ما مرتـــــــــــــاح
لأن شفت الشمس نزلت تبوس الكًاع
وبكف الطفل تنلاح
ولأن قاضي البلابل مدٌد التوقيف
ومفتوحه السما
والفيل عنده جناح !
ما مرتـــــــــــــــاح
لأن قفل المحبه إنباكً
وِترهٌم عليه مفتاح
متروك بجزيره وتيٌهت بالليل

وإجو ربعي عليٌه بقافلة أشباح
وإنته إشبيك ؟؟؟؟؟
لمٌن دافعت عن نفسي صابك غيض
مو حتى الكًنافذ من تحس بالخوف
تستخدم جلدها سلاح !!
ما مرتـاح من ربعي ولا مرتاح
تمساح إبنهرهم صاحوا من الخوف
وجازفت بحياتي من سمعت إصياح
صارعت المنيٌه وبيده هزني الموت!!!
ومدمٌى إطلعت
صفٌقًوا للتمســــــــاح !
كل هذا وتريد أرتاح؟؟؟؟؟؟؟؟

ما مرتـــــــــــــــاح
ولا جن الفجر مثل الفجر محبوب
لون الفجر صاير يقبض الأرواح !!
رجعت الستارة بحرقة عالشباك
ورثيت الورد وبجيت
من شفت الندى فوق المدافع طاح
قل شوف السفينة والضباب يزيد
وسيوف الملامة بجلوة الملاح
ياسن الصخر وتكسرت بالروج
مو كنت بزمانك ترهب السفان؟؟؟؟
ما مرتاح من ربعي ولا مرتاح
نادوونـي.. وركضت إبليــل
إيد الرسن بيها وإيد بيها سلاح
عثرت مهرتي ... وربعي قبل ما طيــح

واحد كًال للثاني:

أبشـــــرك طـــــاح
أبشــــــــرك طــــــــاح


وتأتي قصيدة عريان السيد خلف الجوابية على هذه القصيدة في إطار اخر كأنها توضع اجابات لتساؤلات الشاعر كاظم إسماعيل ، وعلى الرغم من قساوتها إلا أنها إعادة لواجهة واحدة من الوان الشعر الغير متداول وهو فن المناظرة الشعرية الذي يغلب عليه الهجاء الشعري ، وقد استمدت قصيدة عريان قساوتها لعدم تلمسها الزمكانية في محاكمة الإحداث وجاءت تلك القراءة للإحداث بعد سنوات وقوعها ، فاعتمد الشاعر عريان على مخيلته وذكريات تلك الإحداث ، أكثر من اعتماده على واقع صنع بالرغم من ارداة الإنسان وبقوة السلطة الغاشمة ، مما جعله يحاكم الضحية قبل جلادها ، حيث عمدت القوة الغاشمة بالترهيب والترغيب والإرهاب الفكري إلى تغريب الإنسان واستلابه وتمزيق الوطن ، ويقول الشاعر عريان في قصيدته الجوابية :

ما ترتاح… لأن سدَّيت اذانك من ضميرك صاح
وهي مزنه… ثجيله أو عاصفه أو حالوب
يريد لهن سكف مصبوب موش ألواح
ريح امسودنة بيهَ المعمرة أتطيح… ونته أعواد حلفه أمنيلك سباح
جان الريح شامل والغثيث أيضيع… بس من صفه الحاصل شالك المرواح
بالزرع الجثير أيشيه شوف العين… والنبته الخبيثه أتفوت عالفلاح
ما ترتاح.. من هاج البحر وابعد علينه الكَيش…
غادرت السفينه أو خنت بالملّاح
أو حشَّمت العواصف والمطر والروج…لذكرت الربه او لاكلت بيه أرواح
صحبة عمر جانت والعمر دربين… أشو باوَّل الخطوة أو ماي وجهك طاح
أو خاويت العفن والقذر والممروض… أو ماشيت الودر والزفر واللفاح
أو من هاجت الدنيه أوزره أوياك الحال… غطَّوا روسهم والداح منهم داح
ما ترتاح… لأن ندبه أبضميرك والجبيل أبخيت والشاره التحركَك عمر ما تنزاح

وعلى الرغم من الصور الجميلة التي يصف بها قوة الهجمة [ وهي مزنه… ثجيله أو عاصفه أو حالوب .......  يريد لهن سكف مصبوب موش ألواح ]، الا انه ظل يدور في تحميل الفرد عملية المواجهة لهذه العملية المنظمة حيث يورد صورة شعرية أخرى توضح تلك التصورات [ما ترتاح.. من هاج البحر وابعد علينه الكَيش… غادرت السفينه أو خنت بالملّاح ] ، تظل الرؤية الشخصية للشاعر عريان السيد خلف جديرة بالمناقشة كمعالجة شعرية لمئات الالوف من البشر اجبروا على النزول من سفينتهم في عرض البحر من دون ارادتهم وسط العواصف الهائجة لبحر مجنون لايرحم وكواسج تنتظر الانقضاض على ضحاياها .

الشاعر كاظم اسماعيل اﻠﮔاطع قامة من قامات الشعر الشعبي واحد اعمدته التي اضافت له الكثير واثرته ، والشاعر كاظم اسماعيل اﻠﮔﺍطع احد مبدعي القصيدة الشعبية المصورة ، يعتبر مدرسة شعرية لها تاثيرها في العمل الابداعي المجدد ، تجد الشاعر في قصيدة ( ليل المحطة ) يبدع في تصوير الانتظار عبر علاقته في المكان( المحطة) والزمن الغير معروف لمجىء القطار بين خيوط الظلام وخيوط الفجر ، وفي هذه الصور لم يفقد الامل والبحث عن صديقه الذي ينتظره والذي اختفى من دون يترك له عنوانا للوصول اليه ، فيقول له معاتبا (ناشدت كل روجه عنٌك؟؟.. كل جرف كحَلت عينـــــه....... وإسألت كل الشواطي ؟؟ ) هكذا تجد الشاعر كاظم اسماعيل اﻠﮔﺍطع ينقلك بين الصور المتعددة التي تشكل مجتمعة معرضا فوتوغرافيا لقضية واحدة .

بانتظارك خلٌصت عمري إنتظار
عاشرت ليل المحطه
وارتجي إيجيبك قطار
والقطار !!لو يحب مثلي ..
وتشب بضلوعه نار
يسرع إبمشيه ويجيبك
بالفجر قبل النهـــــــار
ولَو تعٌبني إنتظارك !!
شارك العمر إبسنينـــه
إهواي كًالو مايجيك !!
وكًلبي جاوبهم يجينه .. يجينــه
ناشدت كل روجه عنٌك؟؟
كل جرف كحَلت عينـــــه
وإسألت كل الشواطي ؟؟
بلكت إتجيبك سفينـــــه!!!!
ولا سفينه ... ولا قطــــار
وخَلصٌتْ عمري إنتظــــــار !!
لا قطار ولا سفينـــــــه
وآنه والليل إبأمل جَيْتَكْ علينــــه
طيح يا دمع النده وكًطٌر بِدِينــه
إحنه ليليٌه إنتلاكًه
نسهر آنه وياك ياليل المدينــــــه
آنه عيني عالمحطه
وإنته عينك عالنهار
خلصٌت عمري إنتظـــــــار

لاتكفي هذه السطور للتعريف بتجربة شاعر أمتدت لاكثر من اربعين عاما في كتابة الشعر الشعبي ، ولكننا أردنا إن تسليط الضوء على تجربة رائد من رواد الشعبي الذي ترك بصما ته الواضحة سجل في الشعر الشعبي العراقي الحافل في الأعمال الشعرية الخلاقة .

مصادر وملاحق
¤ من مواليد بغداد 1950 حاصل على شهادة البكالوريوس من كلية الآداب قسم "اللغة الانجليزية"
¤
عضو جمعية المؤلفين والموسيقيين في باريس، اصدر في الشعر ثماني مجموعات شعرية كان آخرها "نعش النه
¤
كتب اكثر من الف قصيدة و أغنية للعديد من المطربين والفنانين من أشهرها (شلك علي يا زمن) لمضر محمد (وأريد أبجي على صدرك) لكاظم الساهر، و(الندامة) لياس خضر و(الفرح) لقحطان العطار و(أجه العيد أوما أجيت) لفؤاد سالم و(خسارة يا زمن) لحسين نعمة.
¤ اهم إعمال الشاعر كاظم إسماعيل هي :
- قصائد دامعة 1968.
- شمس بالليل 1970.
- جنه نحلم 1971.
- عيد أبو هلالين 1972.
- عرس دجلة 1975.
- شفاعات الوجد 1999 مشترك مع مظفر النواب وعريان السيد خلف.
- نعش النهر 1999.
- غاب الكمر 2004. عن مكتبة اليقظة العربية-
- كطرات النده 2004.
- نورس حزين 2006.
- هل ليل المعرسين 2006.
¤ كاظم اسماعيل الكاطع ( النسيج الوطنـي في قصائد السبعينيات) – جريدة الصباح .
- شارك في المهرجان الاول في محافظة الناصرية بتاريخ 7/ 7/ 1969 بمباردة من الشاعر المرحوم كاظم الركابي والشهيد ذياب كزار (ابو سرحان) والمرحوم جبار الغزي .
¤ وكذلك في المهرجان الثاني الذي عقد في محافظة البصرة بتاريخ 7/ 7/ 1970 بمبادرة من الشاعرين الشهيدين فالح الطائي وفوزي قاسم السعد .
¤
والمهرجان الثالث الذي عقد في محافظة ميسان بتاريخ 7/ 7/ 1971 بمبادرة من الشاعر المسفر الى ايران والعائد حاليا كاظم لاله والشاعر كاظم غيلان والباحث جبار الجويبراوي والشاعرعبدالسادة العلي .