نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ماجد لفته العبيدي

Majid.sha61@hotmail.com

 

 

 

 

الأثنين 6 / 3/ 2006

 

 

 

الطريق الثالث لدحر الاْرهاب وأنتصار الديمقراطية في العراق

 

ماجد لفته العبيدي

منذ ان رحلت الديكتاتورية الفاشية مخلفة ورائها فوضى سياسية وأقتصادية وأمنية وأجتماعية عارمة سببتها عملية أسقاطها بواسطة الاحتلال الاجنبي الامريكي وحلفائه من الجيوش المتعددة الجنسيات والذي تحول فيها العامل الخارجي من عامل مساعد الى عامل رئيسي ومقرر لعملية التغير وبالرغم من أعتراض القوى الاساسية المعارضة على بعض جوانب هذه الستراتجية الامريكية لعملية الغزو العسكري الا أنها لم يكن لديها الامكانية للوقوف بوجهها ,وبعد وقوع هذا الاحتلال لم يكن لها موقف واضح من عملية مقاومته , وقد ساق هذا الى صنع الالتباس والخلط بين التحرير من سيطرة الدكتاتورية الصدامية وعملية الاحتلال الامريكي الامبريالي ومشروعية تواجد القوات الاجنبية على أراضينا , وظلت عملية تسمية الاسماء بأسمائها يسودها التشويش والضبابية وخصوصا تحديد الموقف من عملية الاحتلال وجدولة أنسحابه , وقد أرجئت بعض القوى الاعلان عن مواقفها الى حين الشروع في العملية السياسية وشمل ذلك كل القوى السياسية من اليسار الى اليمين, من القوى المشاركة اوالمعارضة للعملية السياسية , مما سهل هذا على أستغلال القوى الرجعية الارهابية المتكونة من بقايا ازلام الديكتاتورية والقوى التكفيرية لهذه المواقف لتطرح نفسها كبديل للقوى الحقيقية المناهضة الاحتلال, وقد حاولت القوى السياسية المختلفة تبرير مشاركتها في العملية السياسية من باب أستخدام الاسلوب السلمي لمقاومة الاحتلال من دون التخلي عن الاساليب الاخرى في حالة الحاجة اليها وأعتبرت ذلك أساس للاستعادة السيادة والاستقلال الوطني , وقد كان ضعف المقاومة لعملية الاحتلال متأتي من أن أغلبية القطاعات الشعبية أتخذت موقف محايد من عملية الصراع بين الدكتاتورية الصدامية والامبريالية الامريكية وتركت الديكتاتورية وأجهزتها القمعية بمواجهة مباشرة مع القوات المحتلة معتبرة هذا الصراع بين طرفين لايقل عدوانية أحدهم عن الاخر, وهي مدركة بأنها لاتملك القوة الكافية لدرء هذه المخاطر محملة الديكتاتورية وسياستها الرعناء كل ماحل بالبلاد من خراب ودمار , وكان موقف القوات المسلحة العراقية التي تعرضت الى أكبر مأزق في معركة غير متكافئة في ظل قيادة لا تفقه العلوم العسكرية الحديثة ولا تجيد فنون القتال , موقفا حياديا في غالبه مما سهل من عملية احتلال بلادنا وتقديمه بطبق من ذهب الى الجيوش الغازية المحتلة لبلادنا , و ساهم كل ذلك في حدوث الفوضى العارمة التي أستخدمتها الاطراف المختلفة لتمرير أجندتها وتسديد ضرباتها المؤلمة للبناء التحتي للاقتصاد العراقي وماكنة الدولة وأجهزتها التي كانت من المفترض أن تكون الاساس للدولة العراقية الجديدة .
لقد بينت الاحداث العاصفة التي مرت ببلادنا والذي خاض فيها النظام الدكتاتوري الفاشي أربع حروب ظالمة لا ناقة فيها ولا جمل للشعب العراقي , و رافقتها على الدوام سياسة طائفية عنصرية شوفينية طالت جميع القوميات والطوائف والاديان والاحزاب السياسية وخلفت ورائها مقابر وجرائم لازال صدام وأركان الديكتاتورية وازلامها يحاكمون أمام العدالة من أجلها , وتركت هذه السياسة أثارها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية والنفسية على المجتمع العراقي.
وقد أستفاد المحتلون وساستهم المراهنون على النزاعات العرقية والطائفية من أرث الديكتاتورية الطائفي البغيض لرسم ستراتجيتهم بتعميق هذه النزاعات وأعادة الاصطفافات السياسية في المجتمع العراقي على أساس قبلي وطائفي وعرقي عبر بناء نظام المحاصصة السياسية الطائفية الذي ساهم في تمزيق البلاد عمليا وشجع على الفوضى والارهاب ومهد الطريق لنشوء دويلات المليشيات المسلحة غير المعلنة التي دفعت بالعنف الطائفي الى درجته القصوى ليكون القتل على الهوية بواسطة الملثمين وفرق الموت والتكفيريين الارهابيين أبرز المظاهر الجلية لهذه الظاهرة في المجتمع العراقي , ولم تنتهي هذه العملية عند هذه الحدود بل أمتدت لتطال المقدس الديني والموروث التاريخي وكل ماهو محرم ومقدس لدى العراقيين وفي مقدمته الدم والشرف والعرض العراقي الذي أنتهكه الارهابيين وعناوينهم الطائفية و الجهوية ومن ورائهم الاجندة الاقليمية والدولية التي لا زالت تراهن على أندلاع الحرب الطائفية الاهلية في بلادنا .
لقد أظهرت أحداث الاربعاء الاسود الدامي مدى المخاطر الجدية المحدقة بالوحدة الوطنية ومشروع الشعب العراقي الوطني الديمقراطي , وأن أبعاد هذه المخاطر عن بلادنا يتطلب معالجة جذور الازمة وليس نتائجها والتي يترتب عليها جملة من الاولويات والتي يقف على رأسها[ المشكل الاقتصادي] و من
دون الشروع الحقيقي بعملية أعادة البناء والاعمار للمؤسسات الاقتصادية الاساسية وأستخدام الثروات الاجتماعية والمادية بشكل أمثل لاعادة حركة دورة الانتاج للاقتصاد العراقي التي تسهم في الحد من ظاهرة البطالة وتقلل من الازمات المختلفة للوقود والسكن والنقل والفقر والفاقة وتعيد بناء جهاز الدولة وفق وظيفته وحاجاته المحددة بما يسهم بفك الترابط بين وظيفة مؤسسات الدولة الادارية الاقتصادية عن عملية التحزيب السياسي الجهوي الذي يسود القسم الاعظم من الوزارات مما جعلها مغلقة و جهوية وسهل لاخطبوط الفساد في أستغلالها عبر المحسوبية والمنسوبية ليضرب أطنابه ويتمدد في مختلف المؤسسات عبر المافيات والعصابات التي تنشط وتتاجر في أرواح الناس وقوتهم ورزقهم في وضح النهار, والا كيف تفسر خسارة وزارة النفط خلال ثلاثة أشهر مبلغ مقداره [ 2,5 مليار] نتيجة الاهمال والتهريب والتخريب والاختلاسات , وفي وزارة الصحة تقدر خسائر الاختلاسات والفساد الاداري بمبلغ 750 مليون دولار وعملية بيع الفضاء العراقي لشركات الهاتف النقال بمبلغ يقدر 5 ملايين لشركات مصرية وكويتية في الوقت الذي بيع فضاء لبنان بمبلغ يقدر 2,5مليار والذي يبحث خلف هذا الخبر ويقارن الفضاء العراقي بالفضاء اللبناني سوف يجد مقدار الفساد الذي رافق هذه الصفقه وكل هذه القضايا تبين مدى تأثير المحاصصة الطائفية السياسية في شرعنة الفساد والتي يتطلب التخلص من أثارها عبر معالجة [المشكل السياسي ] هذا المشكل الذي يظهر لنا اليوم بعد الانتخابات مدى تعقيدات الازمة السياسية الراهنة حيث الصراع الراهن من أجل تشكيل الحكومة الدائمة المنتخبة و الذي يتصادم فيه الاستحقاق الانتخابي والاستحقاق السياسي و تتعامل فيه أغلب القوى السياسية دون أستثناء مع السلطة[ كغنيمة] يجري تقاسمها بين الاطراف المتنازعة , وتحاول قوى عديدة الى جعل التعامل مع هذه القضية من زاوية الشراكة الوطنية التي لا تعني توزيع الكراسي بقدر ما تعني عدم الانفراد والتفرد والتسلط والالتفاف على روح الدستور وتعطيله عبر جملة من القوانين الفرعية والاجراءات الاستثنائية , وأعتماد المشاركة الحقيقية بالقرارات السياسية المصيرية التي هي البوابة الحقيقية لتجسيد الوحدة الوطنية والبدء في جدولة إنسحاب القوات الاجنبية غير المشروط بالتوقيع على معاهدات أمنية أوعسكرية تبيح للولايات المتحدة وحلفائها استخدام بلادنا كقاعدة عسكرية للانطلاق منها للعدوان على الجيران , وأن هذه الحكومة التي تؤسس لمثل هذه المشاركة الوطنية سوف تكون أداة فعالة لمواجهة الارهاب وأعادة الاستقرار والمضي بالعملية السياسية الى بر الامان .
أن معالجة الملف السياسي بشكل سليم سوف يكون الاساس لايجاد الحلول للعديد من القضايا العالقة التي تشكل مصدر الازمات والاحتكاكات والاختناقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية , وان الرهان على الحلول الطائفية والجهوية قد أثبت فشله الكامل وأكدت احداث [الاربعاء الاسود ]بشكل جلى أيضا أن الرهان على النيوليبرالية الجديدة وستراتجيتها في بلادنا رهان خاسر لا يجلب الا الماسي وخير شاهد على ذلك معاناة بلادنا من تبعات الاحتلال والتي سوف يكتشف العراقيين المزيد من المآسي في المستقبل حينما يشد الاحتلال رحاله من دون رجعة و سوف لا تشفع له حسناته في أسقاط الديكتاتورية الفاشية الصدامية .
بين هذين الطريقين يقع الطريق الثالث لاستكمال العملية السياسية وضمان أستمرارها , هو الطريق الذي تراهن عليه القوى الوطنية والديمقراطية لانتصار مشروعها الوطني الديمقراطي والذي تسانده قوى عديدة من مختلف المكونات الاجتماعية يجمعها جامع الحفاظ على الوحدة الوطنية وفق أسس جديدة في مقدمتها الحصول على الاستقلال الكامل والناجز والسيادة الوطنية للعراقيين على ثرواتهم الطبيعية المادية والاجتماعية وضمان الحريات العامة والشخصية لمواطني دولة العراق الاتحادية , والالتزام بالدستور وأحترام التدوال السلمي للسلطة ومكافحة الفساد والطائفية والبطالة والارهاب والمليشيات المسلحة , وتأكيد سيادة القانون والفصل بين السلطات الثلاث والاقرار بالاتحادية كسبيل للتعايش السلمي بين القوميات والاقليات القومية المتأخية في العراق الجديد .
لابد أن نعترف أن قوى الطريق الثالث الوسطية رغم ضعفها وتشتتها السياسي ولكنها تجد التأييد لمشروعها هذا وسط أكبر الطبقات الاجتماعية الا وهي الطبقة الوسطى أضافة الى الملايين من العاطلين عن العمل الذين يرون بالخيار الوطني سبيلهم الى الانعتاق والتحرر وقد أكدت المظاهرات الاحتجاجية والمطلبية والشعبية لقطاعات واسعة من العراقيين تأكيدهم على الخيارات السلمية للحل الوطني الديمقراطي لبناء العراق الجديد .