نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ماجد لفته العبيدي

Majid.sha61@hotmail.com

 

 

 

 

الجمعة 24 / 2/ 2006

 

 

 

قافلة جديدة من شهداء الحقيقة

 

ماجد لفته العبيدي

كان الحدث العاصف في أوجه حينما حملت أطوار بهجت ورفاقها أغراضهم ومعداتهم الفنية والصحفية ليتوجهوا الى مدينة سامراء تلاحقهم تحذيرات زملائهم من مخاطر الطريق وتعقيدات الظروف التي أودت بسبعة من زملائهم في السابق , قالت لهم [ نحن عراقيون ولابد أن نتحمل مسؤولية نقل صوت العراقيين إلى العالم ] وكانت أطوار جريئة وعازمة على نقل الحقيقة والمشاركة في أبعاد شبح الحرب الاهلية عن سماء العراق , وطمأنة زملائها وهي تجمع أغراضها على عجل بأستحالة التعرض لها من قبل أبناء المدينة التي عرفتهم وأحبتهم منذ الصغر , وكانت طوال الطريق تحدق في الافق البعيد وهي تنظر بين اللحظة والاخرى الى جوانب الطريق كأنها تنتظر شيئا مفاجئا يقطع عليهم الطريق , وحينما وصلوا الى أطراف مدينة سامراء كانت المدينة يعمها الضجيج وتلفها الاتربة وتقطع وحشتها الصراخات والهتافات الغاضبة .
ترجلت أطوار ورفاقها من سيارتهم و نفضوا عنهم غبار السفر وطردوا الوحشة بتوجههم الى عامة الناس مستفسرين عن تفاصيل الحدث وظلوا طول النهار يتراكضون دون ملل لتغطية الأحداث والخوف والحيرة ترافقهم والتساؤولات تلاحقهم حول مستقبل الاحداث ومديات تطوراتها اللاحقة , وهم في زحمة العمل والضجيج وسط الناس المتجمعة في الطرف الشمالي من مدينة سامراء , تقطع عليهم [هدير الربيعي] تواصلهم , لتبلغها عبر الهاتف النقال بعزمها على السفر الى مدينة كركوك لتغطية الاحداث هناك , لكن أطوار تنصحها بعدم السفر لانه يكفي قناة العربية ان تضحي بواحدة [ لا تذهبي، يكفي مكتب بغداد خسارة واحدة ] , ثم تقفل هاتفها مودعة هدير الربيعي لتواصل عملها بأرسال رسائل وتقريرالى قناة العربية دون ان تشعر بمرور الوقت حيث بدأت تتلاشى خيوط الشمس الذهبية خلف وجه المساء الكالح المكفهر المغبر وهي ترنو الى مدينة سامراء التي بقي أهلها مشغولي البال منذ الصباح الباكر تكدرهم صدمة ما حل بمرقدي المزارين الشريفين اللذين أحبوهم وتعايشوا معهم منذ أكثر من ألف عام , كانت أطوار تحدث زميليها عدنان عبدالله وخالد محسن اللذين هرعوا معها منذ ساعات الصباح الاولى لتغطية أحداث جريمة هدم قبتي ومزاري الامامين الهادي والعسكري في سامراء, وتشير لهم على المنطقة التي قضت فيها طفولتها وصباها في مدينة [ سر من راى ] التي تشمخ فوقها الملوية كشاهد من شواهد العمارة الاسلامية القديمة ,وتخبرهم عن والدها مدير أعدادية سامراء سابقا والذي يعرفه كل أبنائها ووالدتها التي تصطحبها في أيام الجمعة لزيارة المرقدين و لتنذر فيهما النذور وحينما يستجاب لدعواتها تذبح الضحايا ليوزعوها على الجيران ليأكلوا لحوم الدجاج والاغنام على أرواح الموتى , حاولت تعتصر ذاكرتها وهي تضغط على حليتها المصنعة من الذهب على شاكلة خارطة العراق , لتذكر الصبايا والصبيان الذين كانوا معها في المدرسة والمحلة والشارع , لتتسائل في سرها يا ترى منهم من فعل مثل هذا العمل البعيد عن الشيم العراقية وأخلاق العراقيين !!؟ ... هل يعقل أن يكون فلاح ,غفورى , وفيق , جدعان ,غازي ....!!؟
هؤلاء الصبيان اللذين كانت تعج بهم الروضة العسكرية ويتراكضون ويلعبون في باحتها , ويقفون عند المرقدين بخشية وهم يحدقون في شباكيهما الفضيين المطعمين بالذهب وأياديهم الصغيرة ممسكة في فتحاتهما الصغيرة وبقايا قبلاتهم البرئية منسية على ثنايا الخشب المطعم بالعاج , تنبه عدنان وخالد الى شرود زميلتهم أطوار حينما نادى عليها لم تنتبه لهم وهم يدفعون لها قدح الماء فصرخت وهبت واقفة بشكل لاأرادي ... لم يفعلها أهل سامراء ... لم يفعلها أبناء العراق ... [ لافرق بين عراقي وعراقي الا بالخوف على العراق ] , لم تكمل عبارتها الاخيرة حتى لعلعل الرصاص وتدافع الواقفون خلفها ليبتعدوا عن الخطر وتوجهت هي وزملائها الى سيارتهم المركونة قرب الطريق العام وبينما هم يخطون بخطواتهم السريعة المتلاحقة , تنادى الى أسماعهم صراخ نشاز يركض ورائهم [ نريد المذيعة ] فحدقوا خلفهم ليروا بنادق مشهورة في ظهورهم وسيارة [ بيكب بيضاء ] تقطع الطريق أمامهم ثم ليدفعوا في أعقاب البنادق الى حوض سيارة البيكب البيضاء وهم تحت تهديد السلاح, لتنطلق بهم السيارة ليس ببعيد عن المكان الذي نقلتهم منه لتتوقف فيما بعد ويطلق أصحابها المذعورين وابل من الرصاص على رهائنهم العزل من السلاح ليتركوا جثثهم في العراء ويهربوا خائفين من أقلام الحقيقة المسجاة بتراب العراق الطاهر الذين هم أقوى منهم و سوف ينتصرون عليهم لامحال بالرغم من التضحيات الجسام .