| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ميادة العسكري

 

 

 

الثلاثاء 31/3/ 2009

 

تحالفات الاضداد

ميادة العسكري

بداية، لابد من التركيز على نقطة جوهرية في موضوع تحالفات الكتل السياسية المختلفة بعد انتخابات مجالس المحافظات. تلك النقطة تكمن في اساس تعريف كلمة التحالف..وابعادها ونتائجها.

فالتحالف مجموعة من المشتركات والاتفاقات تلتزم بمقتضاه الأطراف المتحالفة بالعمل سوياً والتعاون وتنسيق الجهود لإنجاز مهام مرحلية معينة.

ومعظم التحالفات السياسية التي تقيمها الحركات والأحزاب والحكومات لابد أن تقوم على المصالح والرؤى والأهداف المشتركة.

اي انه ليس من الضروري او اللازم للاطراف الداخلة في تحالف معين ان تكون ذات منطلقات فكرية واحدة، ولكن المهم في الموضوع ان تكون اهدافها طويلة الامد او اهدافها المرحلية مشتركة..

لذا، من الممكن جدا ان يتم التحالف بين الاضداد ، وهذا الامر موجود في المفاهيم السياسية في العالم .

ان تلاقي الخطين المتوازيين يمكن ان يحدث اذا تقاطعت المصالح المشتركة فقد شهدت الحرب العالمية الثانية لقاء الدول الاوروبية وامريكا وروسيا في مواجهة المانيا النازية ووقف العالم العربي في خندق الحلفاء ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى وهكذا «حروب الخليج» والحرب الافغانية وهي جميعها تحالفات الاضداد التي تنتهي الى خصومات بمجرد حسم الصراع مع الخصم المشترك.

وهناك ايضا تشابه الاضداد الذي يؤسس للتقارب السيكولوجي وان اختلفت المكونات الفكرية للمتحالفين.

كل هذا يقودنا الى ما نشهده اليوم في العراق من تحالفات تجعل من ينظر الى الصورة متأملا اياها يتساءل، هل من الممكن ان يتحالف هؤلاء ، وبهذه السرعة؟

يقول مثل من الامثال التي قرأتها في مكان ما .. من الممكن ان تلتف شباك الحب حول قلب السمكة والنورس، ليغرم كل منهما بالاخر، ولكن السؤال هو اين يمكن ان يبنيا عشهما؟

فلا الماء بيئة طائر النورس ولا السمكة تستطيع ان تتنفس الهواء

فهل تحالفات العراق ما بعد انتخابات مجالس المحافظات امر من هذا القبيل ، ام ان هناك ارض وسط يمكن ان تجمع الاطراف التي قررت على الرغم من كل تقاطعاتها الفكرية ان تتحالف ؟

فبعد مضي شهر ونصف على انتخابات مجالس المحافظات، نجد قائمة السيد رئيس الوزراء نوري المالكي مع قائمة صالح المطلك في العديد من المحافظات العراقية ليبدأ ائتلافًا مع رجل دين مسلح مناهض للوجود الأميركي، الأمر الذي يشير إلى بزوغ محور جديد للقوى في العراق الذي يقف على مشارف مرحلة جديدة تظهر فيها حكومة مركزية قوية.

كل القوائم السياسية تبحث عن حليف ، ويسرنا انها تتجاوز الحواجز الطائفية قبل الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها نهاية هذا العام، وهي الانتخابات التي من المنتظر منها أن تشكل العراق في الوقت الذي تعد فيه الولايات المتحدة العدة للانسحاب.

والمراقب للشأن العراقي يجد ان هناك فعلا خريطة سياسية جديدة، واملنا ان تكون افضل من خارطة المحاصصة الطائفية الماضية ..

اما ما تقوله لنا تلك التحالفات فيمكن ان ندرجها على النحو التالي ..

هي تحول عن السياسات التي كانت تتماشى على وجه الخصوص مع اتجاهات طائفية وعرقية، الأمر الذي كاد ان يلقى بالعراق في خضم حرب أهلية بلغت اشدها في عامي 2006 و2007.

كان العراق ولا يزال بحاجة الى مرجع قوي يستطيع ان يقرر وان يسير في قراره قدما ليوصل العراقيين وعراقهم الى بر الامان، ويمكن لائتلاف المصالح ان يوصل البلد إلى صيغة مناسبة لتعزيز الحكم في العراق انطلاقًا من بغداد، اي عبر تقوية المركز الذي هو بمثابة القلب لتتمكن سائر المحافظات ان تسير وفق النهج الاقوى.

ولنأخذ هنا على سبيل المثال الذي يضرب ولا يقاس عليه، الدولة العثمانية، ففي بداية عهدها ، كان المركز قويا، وكانت الاقاليم التابعة مضبوطة بنظام ودقة، اتى اؤكله الايجابي لكل من المركز والفرع، وما ان تضعضعت الحالة في الامبراطورية، حتى انهار النظام وبدا الانزلاق نحو الهاوية سريعا..

العراق بحاجة الى مركز قوي، يقوي المحافظات ويدعمها ويؤسس لها القوانين ويتفاعل معها، وما ائتلاف قوي باتجاه المصلحة العامة، الا اداة من ادوات النجاح، ان احسن استخدامها وخلصت النوايا، وكلمة "ان" هذه كبيرة وتحتها عدد من الخطوط ..

وقبل استعراض خارطة التحالفات في العراق اليوم، لابد من الاشارة الى ان كل هذه التحالفات يمكن ان تكون قنابل موقوته على الطريق ان لم تتفق جميع الاطراف على ان الحوار هو سيد الموقف وان لا مكان لرفع السلاح في وجه الاخر في العراق اليوم وغدا..

تقدمت قائمة (دولة القانون)، في انتخابات مجالس المحافظات، حيث كان برنامجها الانتخابي يهدف إلى فرض سيادة القانون، كلمة ذهبية التفت حولها عقول الناس قبل قلوبهم في عراق فقد القانون والنظام ولمس معنى انعدامه وتداعيات فقدانه. وتمكنت القائمة من الفوز بأغلبية مقاعد مجلس محافظة البصرة ـ ثاني أكبر المدن العراقية ـ كما بدا حزبه أنه الجبهة الأكبر التي انفردت تقريبا بمقاعد مجلس المحافظة في بغداد، بالإضافة إلى أربع محافظات أخرى في الجنوب، الذي يتمتع بغالبية شيعية. ورغم ذلك، يجب على حزبه أن يكوّن تحالفات في أغلب المحافظات إذا ما كان يطمح للمساعدة في تحديد من يشغل المناصب المحلية البارزة، إلى جانب المناصب الأخرى المتعلقة بالمحافظات. وأفاد صالح المطلك، بان قائمته ستتحالف مع قائمة المالكي في أربع محافظات، ألا وهي ديالي، وصلاح الدين، وبغداد، وبابل. وأضاف المطلك أن إياد علاوي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق، والمتزعم لقائمة انتخابات علمانية خلال الحملة الانتخابية، سينضم أيضًا إلى تلك التحالفات. ويعد هذا التقارب في المصالح مناقضًا بشدة للتحالفات الأخرى التي نجمت عقب انتخابات عام 2005 .

وعبر عدد من المقابلات الصحفية والنقاشات مع اطراف عديدة كانت تعادي احداها الاخرى الى اقصى الدرجات، استغرب هذا التحول اليوم، واستغرب التوجه الجديد ، فكما يقول المثل العراقي "اشجاب الدولمة على الراشدي" .. ولكن على ما يبدو ان عالم السياسة ليس فيه اصدقاء دائميين كما وليس فيه اعداء دائميين.

المطلوب ان يكون العراق هو الاول في كل القوائم، وعلى راس كل التحالفات، قبل عقدها وبعد عقدها وحتى بعد زوال العقد ..

دبوس قد يفجر الفقاعة.
وأشار صالح المطلك المهندس زراعي الذي لاتباعه طموحات كبيرة في رئاسة الجمهورية، إلى أن أي تحالف قومي مستقبلي مع المالكي سيعتمد على التعاون في المجالس المحلية. وقال «سنرى إن كان المالكي سيتصرف كشريك حقيقي أم انه سيعزل الآخرين؟». وأشار المطلك إلى انه ما زال متشككا، وقال «لا نعتقد أن المالكي سيتصرف بطريقة ديمقراطية، نحن قلقون من انه سيستجمع القوة بطريقة ديكتاتورية».

فان كان الحال هكذا، كيف سيتحالف الاضداد؟؟؟

 


 

free web counter