| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ميادة العسكري

 

 

 

الخميس 25/9/ 2008

 

الحل العراقي:
حكومة مركزية وفدراليات تسير على النسق المركزي الموحد

ميادة العسكري

(في صباح الحرية ذاك، الذي لا مثيل له في كل انحاء وارجاء حياتنا ، كانت الفرحة تغشي العيون والقلوب، وكان دفء نيسان يرقص في شغاف القلوب كلها،لم نشعر بأن الماء يتسربل من تحت الاقدام، لم نسمع الهدوء الذي يسبق العاصفة ولا شممنا رائحة الاجساد الملطخة بكراهية العراق وهي تعبر الحدود لكي تقتل العراقيين بسكاكين عربية .. لم نر، لم نسمع ولم نشم.. فليس بمستغرب اننا لم ننطق) كنت اريد ان اتناول كلام رئيس الوزراء الاستاذ نوري المالكي حول فترة حكم بول بريمر ونتائجها السلبية، الا انني وجدت بيان صادر عن مكتبه يوم الخميس الماضي، يشتمل على امور مهمة جدا تكلم الرجل بها وحولها واقعا، وبعد ان اتممت قراءة البيان، وجدت ان تداعيات فترة حكم بريمر وكل السلبيات التي رافقتها، كانت في الواقع جزء من اسباب المشاكل التي طرحت في بيان الاستاذ نوري المالكي..ولعل اهم ما ورد في البيان مسالة "إنشاء حكومة مركزية تكون أقوى من نظام الفيدراليات لحماية العراق" فما هي مبررات هذا الطرح، وماذا نقرا فيه ؟

بداية، لابد ان نتذكر بان معظم ان لم نقل كل الفيدراليات حول العالم هي انظمة سياسية تكون فيها السلطة النهائية مقسمة بين المركز والأطراف. وبخلاف النظام المركزي تنقسم السيادة دستوريا بين منطقتين (ولايتين) أو أكثر بحيث يستطيع أي من هذه المناطق أن يمارس السلطة لوحده دون تدخل الولايات الأخرى، وبالتالي يترتب على المواطنين أن يقوموا بواجباتهم تجاه سلطتين اثنتين هما الحكومة المركزية والحكومة المحلية التابعة للولاية.

كلام لا غبار عليه، فهذا هو تعريف الفيدرالية، ولكن، يأتي تصريح السيد المالكي ليلقي بحزمة ضوء على فقرة مهمة جدا في خصوصية عراقنا، اذ يقول:"العراق مستهدف ويقع في منطقة مستهدفة ويواجه مرحلة خطيرة من تاريخه"، و"يجب تكون الدولة قادرة على حماية نفسها وقادرة على مواجهة الصدمات".
ويؤكد المالكي في البيان أن "النظام لا يلغي الفيدرالية ولا يخفف من لون الحكومة المركزية الاتحادية إلى الحد الذي لا تملك معه أي صلاحية للتحرك حين يتعرض البلد للخطر، ولذلك قلنا ونؤكد على ذلك ونتبنى هذا وندعو له في ظل عراق ديمقراطي وليدعو غيرنا لما يشاء ونحتكم في النهاية إلى إرادة الشعب العراقي".

وشدد المالكي مجددا على "دعوته لحكومة مركزية قوية وإلى فيدراليات موجودة تطلق يد الكادر والحكومات المحلية في عملية البناء والإعمار والإدارة، وأن يبقى للحكومة المركزية أمران أساسيان الأمن والسيادة "وهو محق فيما يذهب اليه، فحالة العراق الخاصة تدعو الى وجود مركز قوي ، يدير شؤون الاطراف الفدرالية حوله بشكل اقوى من ما هو موجود في دول اخرى، استتب فيها الامن والاستقرار منذ زمن طويل.
وهنا نعود الى بريمر وهفواته واخطائه التي قال عنها السيد رئيس الوزراء بانها "لا تقل خطورة عما ارتكبه الارهاب في جميع مفاصل الدولة ومؤسساتها وما زلنا نعاني من تلك الاخطاء ونعمل على معالجتها" واضاف المالكي في كربلاء التي زارها الاسبوع الماضي : "لقد تسلمنا بعد تشكيل الحكومة ركاما وتركة ثقيلة خلفها النظام السابق"، داعيا الحكومات المحلية في المحافظات الى تحمل مسؤولياتها في مجال تنشيط الاستثمار والبناء "لأن المركزية الحديدية تعطل التنمية" وهنا يكمن مربط الفرس..المركزية الحديدية تعطل التنمية، فكيف السبيل الى الموازنة ؟ السبيل اليها بسيط ويكمن في كلمة "الموازنة " بحد ذاتها، ومن كلمات البيان يمكننا ان نصل الى الموازنة المرجوة:

أن "من مسؤولية الحكومة المركزية حماية سيادة البلد ومواجهة التحديات الأمنية، وما عدا ذلك فلتكن المحافظات والفيدراليات هي التي تتصرف.

الشرط الاساسي في التوازن المطلوب "ألا تكون الفيدرالية بديلاً عن الدولة في منح تأشيرات الدخول والخروج من العراق". وبطبيعة الحال، لا يقصد رئيس الوزراء هذه الجزئية بعينها، بل ما تعنيه، اي ان هناك امور هي من صلاحية الفدراليات، وامور اخرى، يجب والحال حالنا في العراق اليوم ان تترك للحكومة، ومنها ايضا كل الامور التي تمس السيادة والأمن .

"في ظل الفيدرالية يجب أن تعرف الحكومة المركزية حدودها وتقف عندها،والحكومات المحلية والأقاليم تعرف حدودها وتقف عندها، وبالتالي يتأسس نظام سياسي نستطيع أن نقول أنه قادر على حماية العراق".

أن "الدولة قائمة على أساس الفيدرالية والانتخابات الديمقراطية، وإرادة المواطن، ومجلس نواب، ورقابة حكومة".

"النظام ليس نظاماً رئاسياً إنما هو نظام قائم على أساس النظام البرلماني، وهو الشكل العام للدولة وإذا ما وضعناه في إطار الرغبة التي يلتقي عندها جميع العراقيين، وهو أن يكون لنا بلد موحد قوي قادر على حماية نفسه ومواطنيه ومصالحه عبر حكومة ذات طبيعة خاصة قادرة على لملمة أطراف البلد وحمايتها أمنياً وسياسياً".

لا نريد أن نقول إن الحكومة المركزية أقوى من الفيدراليات، وأن لا تكون الحكومة المركزية كما يفكر البعض معنية بعملية جمع وتوفير الأموال وتوزيعها، لأن ذلك يتناقض مع الهدف الأساسي لبناء دولة قوية قادرة على حماية نفسها".

من كل النقاط اعلاه، ارى اساس يبني لفكرة واستراتيجية يجب ان يتم التثقيف بها، فنحن حديثي العهد بهكذا حرية وهكذا انفتاح . الديموقراطية على سبيل المثال لا الحصر هنا لا تعني التسيب، بل على العكس تماما، الديموقراطية اعلى مراحل الالتزام بما يخرج به رأي المجموع عبر البرلمان المنتخب من قبل الشعب، والفدرالية ليست تسيب ايضا ولا تعني حكومات منفصلة تقوم بما تريد وقتما تريد وكيفما تشاء..لا بد من الخروج بدليل او مطبوع، يتم توزيعه على العراقيين لافهامهم بتفصيلات ومفاصل حياتنا الجديدة، فالتثقيف بهذا الاتجاه توقف تماما بسبب حالة اللاستقرار التي كنا نعيشها في الفترة السابقة والتي هي كما اشار المالكي نفسه، عبارة عن تداعيات الماضي البعثي الاليم ، وسوء ما اسسه وحطمه بريمر، والعنف والارهاب الذي جاء عبر الحدود ليلتحم مع ما تبقى في عراقنا الحبيب من اذناب النظام الذي سقط الى لا رجعة صبيحة التاسع من نيسان العز العراقي .

 

free web counter