| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ميادة العسكري

 

 

 

الأثنين 14/7/ 2008


 

هل تمتلك الولايات المتحدة ترف اتخاذ قرار حرب ضد ايران؟

ميادة العسكري

كنت اهم باغلاق لاب توبي، الا اني عدلت عن ذلك وقررت ان اذهب دقيقة الى موقع البي بي سي، وهناك رأيت الخبر ..
"وافق مجلس الشيوخ الامريكي بأغلبية ساحقة على توصية وزير الدفاع الامريكي بتعيين الجنرال ديفيد بتريوس قائدا للقيادة المركزية في الجيش الامريكي خلفا للجنرال وليام فالون الذي قدم استقالته في شهر مارس/آذار الماضي.
والقيادة المركزية "السنترال كوماند" مسؤولة عن كل العمليات العسكرية الامريكية في 25 دولة في الشرق الاوسط وجنوبي آسيا وشرق افريقيا والخليج والعراق وافغانستان .."

وصار وجه صدام حسين امامي، وهو يعلن ضم الكويت عام 1990 الى العراق، وبعدها "الصمون" الاسود الذي ضرب كل المخابز العراقية، واختفاء تنكات الدهن واكياس السكر والطحين والرز من الاسواق.. صار امامي سطح وزارة الاعلام العراقية والصواريخ التي كنا نتتبع مسارها من هناك ليلا، صارت امامي ارتفاعات الدولار وانخفاض نسبة البركة والخير واعوام واعوام من القهر والذل عشناها بالطول والعرض، وبكل الحزن في الكون..
لماذا صار كل ذلك امامي؟

امس، في حوالي الساعة الواحدة من بعد منتصف الليل انتهى دوامي في الصحيفة التي اعمل بها ، وبدات اخبار احدى القنوات مع الاتفاقية التي ابرمت بين دولة رئيس الوزراء نوري المالكي والاتراك.. خطوة ذكية جدا من قبل حكومتنا لتبيان ان العراق مفتوح بالخير على الجميع ما دام المقابل يريد دوام الامن والسلام في العراق ..

وبعدها انطلقت الصواريخ الايرانية من على شاشة التلفزيون لتقول للعالم بشكل عام ولبوش بشكل خاص :" من يريد ان تثكله امه فليأتي ورائي "وبلهجة" ولد الكرية (القرية) حيث كل واحد فيها يعرف اخيه: هذا حدك يا بوش ... وان تعبره تحترق..

عدت الى الجلوس بعد ان كنت اهم بالخروج من المكتب، ورحت انظر الى الصواريخ، تذكرت امور كثيرة، لابد انها راودت الكثيرين غيري، منها صواريخ الحسين والعباس التي استهلكتنا واستهلكت الاقتصاد العراقي وزادت من فقر الحال فقرا ,,

نظرت خارج النافذة المطلة على شارع الشيخ زايد الذي لا يهدأ ليلا ولا نهارا وسؤال يدور في خلدي، ترى كيف سيكون شكل الخليج من زاخو الى بحر سيبة في مسقط عمان ومحرق البحرين لو ان حربا شبت؟؟

مر بمكتبي احد الباكستانيين من قسم المونتاج، ناديته، وسألته، كم مضى عليك من وقت في هذه الجريدة؟ قال 25 عاما..

سألته، اذن كنت هنا عندما وقعت حرب الخليج الاولى عام 1991 ؟ قال كنت في لندن، وعدت مع عائلتي فور نشوب الحرب لان امي واختي كانتا هنا بمفردهما.

سألته وكيف كان دوامك وقتذاك ؟ قال كنا ندوام من الظهر الى الصباح، يوميا، بانتظار اي خبر جديد، اطرق ثم قال، كنا في البناية القديمة، ولكن لا تقلقي، لن تتكرر الحرب، فسعر برميل النفط اعلى مما تتحمله اي ميزانية اليوم ...
لقد وضع رستم وهذا هو اسم زميلي الباكستاني ببساطة متناهية اصبعه على موضع الم الكرة الارضية "سعر النفط، النفط، النفط، ولا شيء غير النفط"

ومع انتقال بترايوس الى موقعه القيادي الجديد وقبل الاوان بشهرين، السؤال هو، هل ستكون اي حرب مقبلة ممكنة ماديا؟
لا شك على الاطلاق في ان ارتفاع صوت طبول الحرب سيرفع من سقف سعر النفط الذي وصل بمجرد ان تمت المصادقة على تعيين بترايوس في منصبه الجديد الى 174 دولارا للبرميل الواحد، وقد يكون رقمي قد تغير، الى الاعلى بطبيعة الحال ، الان..

كتب مؤلف كتاب " النفوذ المتنامي في العالم الاخذ بالتقلص : الجغرافية السياسية الجديدة للطاقة " : اذا كانت الادارة الاميركية تريد ان تزيل الضغط عن كاهل المواطن الاميركي عند مضخة الوقود، فعليها ان تعلن جهارا بان الخيار العسكري ليس مقبول كحل للمشكلة القائمة حاليا مع ايران"

لننظر الى حلقة الصراع المفرغة والتي تدور حول برميل النفط . يقول المحللين السياسيين والاقتصاديين بان استمرار نزول قيمة الدولار لعب دور مهم في ارتفاع سعر برميل النفط، الا ان ردة فعل قائد الحرس الثوري الايراني، الجنرال محمد علي جعفري ورده على تهديدات كل من الولايات المتحدة واسرائيل في ضرب المواقع النووية الايرانية ، الى جانب تقديرات الجنرال الايراني حول هذه التهديدات، يجب ان تؤخذ على محمل الجدية
القصوى.

فقد حذر جعفري بان طهران سوف تعمل بتأكيد فرض هيمنتها المطلقة على كل من الخليج الفارسي ومضيق هرمز وقال "عندها سترتفع اسعار النفط بصورة كبيرة، وهذا عامل من عوامل ردع العدوان والاعداء "

وحتى بدون هجوم وحرب وتصعيد عسكري حقيقي، فان برنامج ايران النووي سوف يستمر في الاسهام بارتفاع سعر النفط ، وقد يصل الى 200 دولارا للبرميل الواحد. وهذا ما قاله ايضا رئيس منظمة الاوبك شكيب خليل، في مؤتمر في مدريد مؤخرا..

لقد ارتفعت اسعار النفط بنسبة 50% منذ بداية عام 2008 ، وقد دخل المحللين في جدال كبير حول ماهية نسبة تاثير العوامل التركيبية في عالم الاقتصاد (مثل الطلب المتزايد على السلعة من قبل الدول ذات الدخل المتوسط والدولار المتداعي في قيمته والذي يمكن ان يؤدي الى جعل هذا الارتفاع في سعر النفط دائميا ، وكم من هذا الارتفاع مرتبط بالقلق من نزاعات ومواجهات تؤثر على الانتاج النفطي كتلك التي نشبت في دلتا النيجر وهجمات القاعدة في الخليج وغيرها من الامور ذات العلاقة (نحمد الله ان سعر الخرّيط والمطال لا يتأثران بسعر الحروب او اي نزاع قد يقوم بين الهكسوس واقوام الزولو ).

الغريب في الامر، ان 50 دولار من السعر الحالي لبرميل النفط الواحد هو نتيجة لعوامل المخاطرة المذكورة آنفاً ، وهناك من المحللين من يعتقد ان نصف سعر برميل النفط الحالي هو بسبب عوامل الخطورة هذه.

اما ارتفاع سعر برميل النفط بسبب العامل الايراني فامر يخضع الى الكثير من النقاش. وعديد من المحللين يشيرون الى ارتفاع ال 11 دولارا الذي حصل في سعر النفط في يوم 6 حزيران الماضي من 128 دولار الى 139 دولارا بسبب تهديدات نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي شاؤول موفاز حول حتمية ضرب ايران ان لم تنجح المساعي الدولية في اقناع ايران بتجميد برنامج تخصيب اليورانيوم.

السؤال الان هو، على الرغم من تصاعد اصوات طبول الحرب في المنطقة مع مناورات اسرائيل وتجهيز الولايات المتحدة لقائد الحرب القادمة: هل تمتلك الولايات المتحدة، هذه المرة، ترف القيام بجولة حربية ؟

الاجابة ليست بسيطة بل في غاية التعقيد فمن جهة ، يشير الجنرال جعفري إلى روادع قوية تحول دون ذلك ومنها قوتها الصاروخية في المنطقة وتضاؤل فرص تحقيق ضربة عسكرية ناجحة. اضافة الى ان إيران شيدت مفاعلها النووية في مناطق متفرقة في البلاد، وأقامت جانب منها تحت الأرض لحمايتها من هجمات جوية. ولا يستبعد الجانب الايراني أن يتضمن الرد الإيراني على أي هجوم ورقة النفط وفرض قيود على ممر نقل المادة الحيوية عبر مضيق هرمز.

اضافة الى ان إيران رابع أكبر منتج للنفط في العالم، ونفطها يؤثر في الارتفاع الكبير في أسعاره كل المؤشرات الاقتصادية النفطية تشير الى عدم امتلاك الولايات المتحدة اليوم هذا الترف والحرية الاقتصادية لضرب دولة بحجم وثقل ايران..

ولكن يبقى سؤال مخيف يبحث عن اجابة صادقة: منذ متى الولايات المتحدة تصغي الى صوت المنطق عندما تقرر امر ما؟

لو كانت الولايات المتحدة من هذا النوع، لما جيشت الجيوش وخاضت فيتنام اخرى في العراق، ولما شجعت اسرائيل ان تضرب لبنان في الحرب الاخيرة ، لتخرج اسرائيل ككلب مبلل تحت وابل مطر حزب الله، ولما وقفت مع قضية اسرائيل الخاسرة ضد الفلسطينيين.

قبل اعوام واعوام كثيرة، قال احد المحللين السياسيين جملة اتذكرها دائما مع كل قرار اميركي يفتقر الى المنطق العقلاني: قال: "اميركا طفل كبير، يمتلك العاب مميتة، فلا تطلبو من هذا الطفل ان يفكر قبل ان يضغط على الزناد.."
ولكن .. الثمن هذه المرة قد يكون رأس اميركا ذاتها، فمن سيقول لهم ذلك ويتمكن في نفس الوقت من اقناعهم؟
تلك هي القضية ...


 

free web counter