| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أ.د. محمد الربيعي
alrubeai@gmail.com

 

 

 

الجمعة 16/3/ 2007

 

في ذكرى الاستاذ
الدكتور حسين ابو الفتح قصّاب

أ.د. محمد الربيعي

في 30 من كانون الثاني 2007 فارقنا العالم العراقي حسين ابو الفتح بعد مرض عضال لم يمهله طويلا وهو لا يزال في قمة عطاءه العلمي، وبذلك فقد العالم العربي والعراقي أستاذا جامعيا وعالما فذا وهب حياته من اجل طلبته وبحوثه، وكانت حياته درسا كبيرا يتعلم منه شبابنا الإصرار في تحمل أعباء البحث والتنقيب والمثل العلمية، وتجسيدها بالانتاج الغزير من اجل تطوير بلادنا ورفع شأنها العلمي والتكنولوجي.

استمر ابو الفتح في عطاءه العلمي منذ دراسته الاولى في جامعة بغداد وبعد أن حصل على الدكتوراه في علوم البيئة من جامعة الينوي الامريكية عام 1977 وبإشراف الأستاذ العالم العراقي فخري البزاز الذي تبوأ لاحقا كرسي البيئة في جامعة هارفرد قرر الالتحاق بجامعة الملك سعود ليصبح أستاذا فيها عام 1977 ، إلا انه لم ينقطع عن زيارته للجامعات العالمية لفترة طويلة من حياته العلمية فكان أستاذا زائرا في جامعة الينوي وجامعة تكساس وجامعة يوتا وجامعة هارفرد. تنقل الفقيد في جامعات عربية، منها جامعة آل البيت في الأردن، وجامعة صنعاء في اليمن، وجامعة الدوحة في قطر، واخيرا قضى في جامعة مؤتة في الأردن ما يقرب من سنتين حتى مرضه.

رجع الدكتور أبو الفتح إلى العراق مباشرة بعد سقوط النظام بأمل المساهمة في بناء صرح العراق العلمي الا انه وجد نفسه في وضع مأساوي تعيش به الجامعات العراقية فقد نهبت بناياتها ومختبراتها وعم العنف في أرجاء العراق ولم يعد أحد يأتمن على حياته. وبعد أن فوجئ بقوانين وزارة التعليم العالي حول عدم جواز التعيين برتبة أستاذ، قرر مغادرة العراق ليتوجه الى الأردن حيث استقر مع عائلته الى حين وفاته.

هذا العالم الجليل الذي طواه الموت فجأة تاركا وراءه دموعا واحزانا لجميع الذين عرفوه وصادقوه. لقد كان العالم حسين عراقيا مخلصا احب وطنه وما كان ليعيش خارجه لولا الإرهاب والقمع، إذ كان بحق رمزا للعالم والباحث والاستاذ الجامعي العراقي المتفاني. كان الراحل حلو المعشر ووجها اجتماعيا محبوبا، يحب النظام والتنظيم والدقة في كل مجريات الحياة كالوقت وأهمية المحافظة عليه. عاش الفقيد لعلمه وعائلته، زوجته رحاب الكليدار وبناته سما وعُلا، وقد عرف بحنينه وحبه للاطفال وللطبيعة، وميله للنكتة وحبه لكتبه وبحوثه وطلبته، وتعلقه بكل ما هو جميل. وبالإضافة إلى انشغاله في التدريس، اهتم الفقيد بالدراسات البيئية، فنشر عددا من الدراسات المسحية للبيئة النباتية في السعودية ودول الخليج العربي، كما واصدر ثمانية كتب حول البيئة، منها: كتاب النباتات الطبية في المملكة العربية السعودية، وكتاب عن نباتات قطر، وكتابين تدريسيين عن البيئة وعلوم الحياة. أما من البحوث فنشر ما يزيد عن الستين منها في مجلات علمية عربية وعالمية.

وهكذا غاب عنا هذا العالم والتربوي القدير، واليوم لم يبق لنا الا كتبه وبحوثه الاصيلة وثروته العلمية الهائلة ونقول وداعا ايها الصديق الحميم والعالم الجليل، ستبقى ذكراك خالدة مملوءة بالحب عند زوجتك وبناتك وأصدقائك ورفاق مسيرتك العلمية، وسيبقى انتاجك العلمي ثروة للجامعات العربية وباحثيها.


جامعة دبلن





 


 

free web counter