| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                              الجمعة  9 / 5 / 2014

 

رأيٌ في.. "الولاية الثالثة"

عبد المنعم الاعسم 

لا مستحيل في السياسة، لكن للمستحيلات ثمن باهض، بينها ماء الوجه احيانا، وكان ميكافيلي يقول انك عندما تقدم على التنازل في ميدان السياسة فلا تضع باعتبارك اعتراضات الاخلاق ولا تتمترس عند ما كنت تقوله في وقت سابق، فان المصلحة العليا –يقول ابو البراغماتية- تبرر لك كل شيء.

لكن اسوء السياسيين، في النتيجة، هم المتقلبون، المنكفئون عن اقوالهم ومواقفهم، ولم تستطع كل تبريرات ميكافيلي انقاذ سمعة سياسي واحد بلا مصداقية.

في الحديث عن الولاية الثالثة لرئيس الوزراء نوري المالكي- إذ جاء في المرتبة الاولى بين المتنافسين في انتخابات نيسان- تنزل كلمة "التنازلات" منزلة العملة في السوق: لكل خطوة سعر، فيما تنزل مفردات وحدود واشكال التنازلات منزلة البضاعة: هات وخذ.

وتشاء اللعبة ان تطرح وكلاء ينادون باعلى الاصوات عن وجوب التعجيل بعقد صفقة الولاية الثالثة، أو صرف النظر عنها، قبل ان تصبح البضاعة بائرة ويذهب فوز "الشيعة" ادراج الرياح، وفي غضون ذلك يجري الحديث عن حاجة المالكي، لكي يطيّب خواطر منافسيه، الى التخلص من بعض الوجوه والادوات والاسماء المحيطة به عربونا اوليا للصفقة.

مؤشرات كثيرة على ان المالكي يبحث الآن في تنازلات "ثقيلة" امام منافسين قد يوافقون على الولاية الثالثة، وهو المعبر، باهض التكاليف، اليها، حيث يتوزع المنافسون بين التمنع والتردد والرفض فيما تحيط الشكوك حدود التنازلات المطروحة، لكن لا شك حول تخلي المالكي عن جزء كبير من سلطته ونفوذه وصلاحياته ومواقفه لتحقيق شراكة الولاية التي يتطلع اليها، وسيكون معروفا بان البيئة البرلمانية والشعبية (في حال تمت الصفقة) ستشهد حركة معارضة اشد مما كانت عليه، وان يد المالكي لن تحتفظ بكفاية من وسائل الردع والادارة، كما كانت عليه في السنوات الاربع الماضية.

المحلل الموضوعي، يقرأ نيات متضاربة حيال محاولات تجسير الولاية الثالثة، ويتهجأ مستحيلات جمة تعترض سبيلها، لكن كابينة المالكي تروج لفكرة "الاغلبية السياسية" من دولة القانون وشظايا الكيانات وبعض الزعامات الطامحة بكثير من التبسيط، وهي، إذا ما تحققت، فهي تنطوي على محاولة زج المشهد السياسي، وكل الدولة، في دوامة جديدة واحتراب مفتوح، بوجود الكتل والمكونات والشرائح السكانية والجماعات الجديدة الفاعلة في صف المعارضة، هذا عدا عن ان القضم من ماعون الاخرين، لن يكون حكرا على كابينة المالكي، ولا طريقا له وحده، فستستخدم من قبل المنافسين، كما تابعنا وقائعه في الدورة السابقة.

في هذا نحتاج ان نتوقف عند فكرة مهمة ومفصلية ذكرها نائب رئيس الجمهورية حول الولاية الثالثة.. قائلا: "كنا نتمنى على السيد المالكي ان ينأى بنفسه عن الولاية الثالثة مصداقاً لتصريحات له في ولايته الاولى".

انها اكثر من تمنيات.. واقل من نصيحة.

"لا تسل طفلك عما يريده على العشاء إلا عندما يكون هو الذي سيدفع الحساب".
                                                                                       فران ليبوتز- أديبة امريكية


جريدة (الاتحاد) بغداد




 

free web counter