| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                              الأربعاء 07/11/ 2012

 

لماذا لم يندحر الارهاب في العراق؟

عبد المنعم الاعسم

النظرية التي تقول بان النشاط الارهابي غريب عن المجتمع العراقي، او انه طارئ على بنية الدولة العراقية تحتاج الى مراجعة. العكس هو الصحيح تماما إذا اخذنا بالاعتبار بان اللازمة الاولى لهذا النشاط هو التطرف، وان التطرف، كممارسة مجتمعية وحكومية وتشريعية، له جذور وهياكل في المجتمع العراقي والدولة العراقية على حد سواء.

في الكثير من المنعطفات التاريخية والسياسية يحارَب الارهاب بواسطة ادوات ارهابية، فتستخدم الدولة ونظامها السياسي اساليب مفرطة في القسوة وتطال جمهورا محايدا ومصنفة في خانة “ارهاب الدولة” لقمع تيار يستخدم شكل او اكثر من وسائل العنف، وفي منعطف آخر، تندفع مجموعة مناهضة للسلطة في ترويج العنف والتجييش الارهابي ضد “ارهاب الدولة” القمعية، ومن هذا التقابل (الفعل ورد الفعل) تنشأ، موضوعيا، ذريعة التطرف التي تصنع لوازم النشاط الارهابي في المجتمع، في أي مجتمع.

النتيجة الاكثر وضوحا تتمثل في الاتي: ففيما يتمسك كل فريق متطرف بوجاهة الاسلوب الذي يستخدمه ويدافع عنه بوصفه خيارا وقائيا واخلاقيا، وضروريا للمصلحة العامة، فان المجتمع بمرور الايام سيفقد حصانته ضد التطرف، او في الاقل، سيوفر بيئة مناسبة لتبرير التطرف. الغريب ان المجتمع نفسه يدفع الضريبة الباهضة لهذه النتيجة الكارثية، ومن زاوية معينة، يبدو ان المجتمع هنا كما لو انه يعاقب نفسه بنفسه.

لكن لاينبغي ان يضيع، في هذه المعادلة، حق الشعوب في الدفاع عن نفسها، بالاساليب الوقائية، حيال ارهاب الدولة وحروبها الداخلية او بمواجهة العدوان الخارجي، كما لاينبغي تحريم استخدام الردع من قبل الدولة للجم قوى الارهاب والجريمة.. وفي هاتين الحالتين ضوابط ومعاهدات وتشريعات تراعى بقدر استيعاب المتصارعين لها وبقدر فاعلية الرقابة الدولية لها، واخلاقياتها.

اقول، اذا ما اعترفنا بان ثقافة التطرف مورست وتمارس في المجتمع العراقي، دينيا وقوميا وسياسيا، فاننا بذلك اعترفنا بوجود واحدة من اهم لوازم الغبار الارهابي الذي هب ويهب على العراق، وهذا الاعتراف يساعد (ولايعرقل) المشروع البديل، مشروع الدولة المدنية السلمية القائم على اشاعة خيار التسامح والمصالحة والشراكة وتكافؤ الفرص واحترام خصوصيات وحقوق المكونات.

فمتى؟.
 

" القطة التي ترتدي القفازات لا تصطاد الفئران "
                                                              فرانكلين


جريدة(الاتحاد) بغداد

 

free web counter