| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                                         الخميس 7/7/ 2011

 

بانتظار ساعة الصفر

عبد المنعم الاعسم 

ساعة الصفر العراقية ليست موعد انقلاب عسكري على الطريق، فقد مضى عهد الانقلابات عندما كانت سلطة القرار ومشيئة البلاد وارواح العباد بيد شخص واحد او جماعة واحدة، يطاح به، أو بها، فيطاح بالسلطة والنظام والقوانين والسياسات ورجال الحكم، وبالشخص الحاكم وجماعته قبل الجميع فيما ازدحم رصيد العراق من الانقلابات التي زادت على الثلاثين منذ تأسيس الدولة العراقية إذا ما صدقنا ما اورده برزان التكريتي في كتاب له عن عشرين محاولة انقلاب فاشلة تعرض لها النظام السابق.

ثورات الردة ايضا تبدأ بساعة الصفر.
وساعة الصفر هنا ليست عنوان الفيلم الوثائقي الشهير عن عملية اعتقال صدام حسين، حين داهمته قوة امريكية كانت تستدل الى حفرته بمساعدة مخبر من حراسه في تلك المزرعة السرية على اطراف بلدة الدور.
وهي ليست بحثا فلكيا مجردا في حركة الزمن نحو نقطة افتراق افتراضية بين زلزالين تـَرِد، عادة، في الخطط العسكرية او في متابعات الانواء العاصفة، او في خلال الحاجة الى تصفير الوقت او تسويفه او الاحتيال عليه، او في خلال التحضير لمؤامرة، او عملية سطو معقدة، ولا هي تحبيذ لفكرة البطل الذي يقاتل حتى النفس الاخير، او تلفيق لصورة المنقذ لرسطورة الذي ارسلته الاقدار لينتشل القارب من الغرق.
ساعة الصفر العراقية توقيت تاريخي فاصل يطرح نفسه في لحظة تنتظرها الملايين الحائرة حيال ما يجري لمصائرها، إذ يُفترض ان يستعيد فيها اصحاب الازمة السياسية وعي الاخطار المحدقة بالعراق، وبهم في المقام الاول، لتغيير مؤشرات الصراع وسلوك التعاطي مع الالغام، في وقت لم تعد الساعة تخفي احتقان المشهد، ولم يعد سجل الضحايا يتسع لمزيد من القتلى، وليس في مقدور الوقت ان يتمدد خارج الغليان الذي تتسارع مؤشرات انفلاته.
ساعة الصفر ليست معجزة من المعجزات، وليست خيارا مستحيلا.. انها توقيت عقلي استباقي لخطوات رشيدة تأخذ القارب الى شاطئ النجاة من غير حساب فئوي للربح والخسارة، طالما ان الرابح هو العراق كي يبقى على الخارطة، وساعة الصفر، بالمعنى الفلكي، تقريب حكيم لعقارب الزمن من انضباط محسوب بمقتضى المصلحة العامة، فاما ان يمسك بها اصحاب هذا الزمن، واما ان تهرب الى المجهول، اللازمن.
في التاريخ، وفي التقاويم، انقذت ساعات الصفر امما كثيرة من الضياع، باعتبارها توقيتات لاختراق الاقدار والركود والدوامات، وهي تطرح نفسها الآن على طاولة الاحداث ليحوّلها المتصارعون الى ارادة نوعية تقوم على التضحية بالامتيازات، بدل ان يفرطوا بها، ولات ساعة مندم.
تماما مثل قصة البالون الذي كان يشرف على السقوط قبل ان يقطع البحر بسبب الاثقال التي يحملها، فلم يكن امام ركابه إلآ حكمة واحدة تضمن نجاتهم هي ان يلقوا بامتعتهم، صرة بعد صرة، فحددوا ساعة الصفر للبدء بالتخلص من تلك الصرر.. او فليصبحوا جميعا بما يحملون طعما للاسماك.. غير مأسوف عليهم.

“إذا قالت حذام فصدقوها..
فان القول ما قالت حذام
”.
                              شعر

جريدة (الاتحاد) بغداد
 

 

free web counter