| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                               السبت  7/1/ 2012

 

سفهاء المرحلة !

عبد المنعم الاعسم

لكل مرحلة سفهاؤها، وسفهاء مرحلتنا يختلفون عن سلفهم بصفات رنانة وفرص ومجالات ومسارح ومانشيتات يدسون من تحتها سفههم، فلا تستغرب انهم يضعون انفسهم موضع القضاة، وينزلون بها منزلة المهرجين، ويرفعونها الى شفاعة الصفات المقدسة، ولا ينبغي ان تتفاجأ من السفيه، في مرحلتنا الحرجة، أن يخرج على ادب المخاطبة والاختلاف، وعلى ثقافة الجدل والنقاش، ويتجه الى السب طريقا قصيرا الى الشهرة، والى اطلاق الاتهامات والظنون سبيلا في المزاحمة، وقد تطيش نوازعه الى احراج اصحابه، وارباك اهل بيته، والى خيبة المراهنين عليه، فالسفيه اول من يركب الزلات، وآخر من يقدر النتائج .
وسفهاء المرحلة يختارون عناوين سفههم من طراطيش الاحداث، لا من حقائقها، ولا يهمهم ان يكون كلامهم هذرا ينأى عن موجبات الانضباط والتزام الحكمة، فهم ابعد ما يكونون عن سلامة النيّة، وعن نظافة الهدف، وعن احتساب النتائج، وتـَحَسّب الردود، ولا يبالون ان يكون هذرهم فضيحة لهم بعد ذاك، وان تكون معاركهم مردودةً عليهم في نهاية المطاف، وهم، في كل الاحوال يكسبون اطراء من هم على شاكلتهم، ولا يدخل ذلك في رصيد، ولا يُحسب في سمعة.
السـَفـَهْ، يقول الجاحظ في “تهذيب الكلام” نقيض الحلم، وهو الطيش والسرف في ايقاع الضرر، والسّبّ الفاحش، وعند الجرجاني في كتابه (التعريفات) عبارة عن خفّةٍ تـَعـْرض للإنسان فتحمله على العمل “بخلاف العقل وموجب الشّرع”.
أما في اللغة، فان السفه والسفاهة والسفهاء في جميع القواميس والمناجد والصحاح مزاولة الكلام والسلوك خارج الشعور بالمسؤولية والاستعداد لتحمل التبعات، فإذا سـفـِه فلان فقد صار سفيها، والاشتقاق مأخوذ من كلمة(س.ف.هـ) الّتي تدلّ على الخفّة والسّخافة، ومن ذلك قولهم ثوبٌ سفيهٌ أي رديء النّسج، وتسفّهتْ الرّيح إذا مالت، والسّفه ضدّ الحلم،وقال بعضهم: أصل السّفه: خفّة الحلم. وقيل: السّفه: خفّة في البدن، ومنه قيل: استـُعمل السفه في خفّة النّفس لنقصان العقل، وقيل: أصل السّفه، الخفّة والحركة والطّيش، وقيل: الجهل والاضطراب، وكذلك، سـَفـِهتَ الشّراب إذا أكثرتَ منه ولم ترو، وسفـِه فلان على فلان فقد انحرف الى نوع من الجهل، فهوسفيه، أي جاهل، والسّفيه أيضا: الخفيف العقل.
وقد فرّق المناويّ في كتابه “التوقيف على مهمات التعاريف” بين السّفه والسّفاهة: فعرّف السّفه بما عرّفه به الجرجانيّ، ثمّ عرّف السّفاهة بخفّة الرّأي حيال رأي مقابل من المتانة والقوّة.
ويعرف المهتمون بهذا الامر بان “أذلّ الناس سفيهٌ لم يجد مُسافها له” في دعوة حكيمة انْ لا تردّوا على سفاهات السفيه، ويقال ايضا، السفيه هو من لا سفيه له، بمعنى لا سفيه مثله يرده عن سفهه، فالسفه في السفيه أصل، بينما في المتصدي للسفيه حالة طارئة يلجأ إليها إذا لزم الامر، وثمة الكثير ممن يتطاول عليهم السفهاء ينأون على الرد عليهم أخذا بحكمة الشاعر الذي يقول:

سكتُّ عن السفيه فظنّ اني....عييت عن الجواب وما عييتُ

أو قول آخر:

متاركة السفيه بلا جواب......أشدّ على السفيه من الجواب

او، بالقول البليغ:

وظنّ بي السّفاهَ فلم يجدني.....اسافهه وقلت له سلاما
 

“من الخطأ الاعتقاد ان كل شيء لا نستطيع فهمه او استيعابه خطأٌ”.
                                                                                     غاندي


جريدة (الاتحاد) بغداد
 

 

free web counter