| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm13mm@live.com

 

 

 

السبت 6/12/ 2008



ما بعد التوقيع.. ما قبل الانسحاب

عبدالمنعم الاعسم

انسحاب القوات الامريكية، وما تبقى من القوات الاجنبية الاخرى، من المدن العراقية في غضون الشهور الستة المقبلة هو(في الحساب الاستراتيجي) الخطوة الاخطر في ما تتضمنه الاتفاقية الامنية من خطوات على الارض، عدا عن انه الاختبار الثقيل والمعيار الارضي لاستعداد وجاهزية الطرفين على ترجمة الاتفاقية الى الواقع.
غير ان لهذا الانسحاب فروض كثيرة يقتضي تحقيقها على الارض، وتتضمن شبكة معقدة ومتداخلها من الاجراءات الممنهجة والمخططة، بالغة الحساسية ، تكفي الاشارة هنا الى شرط تأهيل القوات الامنية العراقية من حيث التدريب والتسليح والبناء العلمي الاحترافي المتوازن، كما يقتضي (وهو المهم)انهاء اثار الاستعجال، والمحاصصة، وخطوط الطائفية ومبانيها، وتعشير وارتجاليات التطوع، والولاءات الحزبية والفئوية، والفساد والارتزاق في داخل المؤسسات الامنية، الامر الذي اصبح مطلبا ملحا، بل ودخل في صلب برنامج الاصلاح السياسي الذي شرّعه البرلمان والزم به الحكومة.
ولعل الاكثر اهمية وخطورة في ما يتعلق بتطبيق بنود الانسحاب من المدن يمكن رصده في ألزام الجانب العراقي بأدارة الملف الامني داخل المدن بكفاءة عالية تضع اساس مرحلة الانسحاب الناجز للقوات متعددة الجنسية وطي مرحلة الاحتلال الى الابد، وهذا “التحول” في المهمة الامنية، من الشراكة الى الاستفراد، يعني الشيء الكثير اذا ما اخذنا بالاعتبار حجم التحديات التي تواجه عملية التغيير وبناء العراق الجديد، وتتركز في عنوان الامن وتتفرع منها الى العناوين الاخرى، وينبغي القول انه على وفق ما يتحقق على الارض من نجاحات امنية مسجلة باسم القوات الامنية العراقية فانه لا يمكن الحديث عن عهد استرداد السيادة العراقية، ولا حاجة للتذكير هنا بـ”الآمال” التي تعلقها قوى العنف والارهاب والجريمة على فشل الجانب العراقي في تحمل الكفالة الامنية للمرحلة الاولى من الاتفاقية الامنية، كما لا حاجة للتذكير بان هذه القوى، مجتمعة، ستعمل بنشاط استثنائي من اجل الحيلولة دون تحقيق هذا التحول، وبمعنى آخر دون انسحاب القوات الامريكية من داخل المدن، لاسباب لم تعد خافية على المراقب.
والامر، بعد ذلك، ليس شأنا امنيا مجردا بل هو وثيق الصلة بملفات حساسة اخرى، لعل اخطرها ملف إنعاش وتفعيل العملية السياسية ونزع الالغام المؤجلة من طريقها وذلك بتغييرالمنهج السابق، لما قبل التوقيع، في تعاطي الكتل المتنفذة والاطراف والحكومة والبرلمان والاحزاب مع موجبات التطبيع، والتخلي عن سياسات ليّ الاذرع والكيد والسباق في “شراء” الولاءات واختراق البعض للبعض الآخر، والتمترس في الطائفية والمحاصصة، وبمعنى أدق، الخروج من نفق الذات السياسية الفئوية الى الذات الجمعية العراقية، بخاصة بعد ان ركب الجميع، علنا، ومن غير لف او دوران، وعلى واجهة الشاشات الملونة، في قارب الاتفاقية.. فهنا النجاة، وهناك الغرق.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
الاهداف المستعارة شبيهة بالتقاط معطف عن طريق الخطأ في مطعم، فمن المحتمل ان نذهب بعيدا متخفين باهداف شخص آخر”
                                                                                                              جيلورد بريلي

جريدة (الاتحاد) بغداد
 

free web counter