| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                                         الجمعة 6/5/ 2011

 

القاعدة بلا رأس.. ولكن

عبد المنعم الاعسم 

مقتل بن لادن، على الرغم من جميع محاولات تصغير الحدث من بعض المتحذلقين او المراهنين على مفعول الحركة الجهادية الارهابية المسلحة، ترك تنظيم القاعدة بلا رأس، وشأن أي جسد فقد رأسه لابد ان يحيا بعضا من الوقت في فاعلية او ردود فعل غريزية قد تتسم بالتهور والشراسة العمياء.
وستدخل القاعدة، وربما دخلت فعلا، هذه المرحلة، إذ حملت ردود الفعل الاولى للضربة التي قصمت ظهرها مؤشرات على ان فلول القاعدة تعدّ لهجوم انتحاري "استراتيجي" ضد مصالح الغرب تعيد به، او هكذا تأمل، الاعتبار لسمعتها ومعنويات انصارها، في وقت(وهذا ما لم تحسبه القاعدة او لا تريد ان تحسبه) تراجعت شبكة المناصرة والتمويلات والتسهيلات اللوجستية على الارض، وانتشرت الفخاخ الاستخبارية واقنية الرصد المتطورة في كل مكان، وليس الضربة التي وجهت الى وكر بن لادن الحصين والاسطوري سوى مؤشر بليغ على الحصار والانحسار الذي يمر به التنظيم الارهابي.
غير اننا لا ينبغي ان نبسط الامور لتبدو لنا نهاية القاعدة كما لو انها وشيكة، فان الحيز التاريخي الذي ولدت فيه جماعة بن لادن لا يزال يمد التطرف بالكثير من الاسباب والاستمرارية، وبخاصة ما تعلق منه في دول التخلف والجهل والخرافة التي تشكل ممولا بشريا للارهاب حين يتوجه الملايين من سكان هذه الدول الى التعلق بالرطانات الجهادية لتكفير العالم والحرب على دياناته بدل ان تخوض معارك التغيير الاجتماعية ضد قوى الاستبداد والنهب والتمييز.
كما ان الكثير من الحكومات العربية والاسلامية سقطت في قصر النظر وهي تتعامل مع حركة بن لادن واخطارها، وراحت، بدلا من العمل على دحر هذا التيار الظلامي الذي يهدد سيادتها، تتواطأ معه، او تغض الطرف عن نشاطاته، وبخاصة الالكترونية منها، او تسعى الى تسهيل عبور افرده ومقاتليه الحدود لتنفيذ هجمات في الدول المجاورة، واغلب الظن ان هذه الحكومات كسبت هدنة غير معلنة مع القاعدة، بعض الوقت، لكنها خسرت ما هو مهم وهو ارتهان بعض كبار موظفيها ورجال امنها لوكلاء الحركة الارهابية، بل وسيطرة هؤلاء الوكلاء على مواقع في المصارف والمواصلات ودور العبادة والدعوة والجامعات.
ويدخل في عداد العوامل المساعدة لمنع الاجهاز على تنظيم القاعدة موقف الجماعات السياسية القومية والمحافظة وحتى بعض الفئات اليسارية من حركة التطرف الاسلامي، والتهوين من اخطارها على المجتمعات الرخوة وعلى عملية التغيير الاجتماعي، وقد طالعنا طوال عقدين من السنين اطروحات التعويل على هذا التطرف باعتباره موجها ضد الغرب او الاحتلال او الاستعمار ولم ينتبه اصحابه كفاية الى الخدمة الكبيرة التي قدمتها حركة القاعدة وجميع حركات العنف والتجييش الى القوى الاكثر يمينية وعدوانية في الغرب والى الاحتلالات في كل مكان والى بقايا الاستعمار في العالم.
في الظن ان هذه الكتلة من الدول والتيارات والاطروحات ستحاول تطييب خواطر القاعدة التي فقدت رأسها، قبل ان تستفيق يوما على العار الذي تخوّض به.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"لا تنحن لأحد مهما كان الأمر ضرورياً , فقد لا تواتيك الفرصة لتنتصب مرة أخرى
"
                                                                                               محمد الماغوط


جريدة (الاتحاد) بغداد
 

 

free web counter