| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                                         الثلاثاء 5/4/ 2011

 

الفلوجة.. لا أحد برئ

عبد المنعم الاعسم 

مأساة الفلوجة التي تدخل في عداد الجرائم المروعة وبوصفها ابرز ضحية لأعمال الابادة العمياء في مفتتج القرن الحادي والعشرين، ان المسؤولية عن هذه الكارثة موزعة على اكثر من رأس وجهة ومشروع وقاتل، وثمة جناة كثيرون لا يزالون وراء المشهد وبعيدا عن الاضواء، وهناك مجرمون محسوبون على تجار الحروب باعوا الفلوجة وفجيعتها في سوق النخاسة، وآخرون اقليميون رموا بفضلاتهم من "المجاهدين" الى المدينة ثم ذرفوا الدموع الإعلامية على محنتها، وأستبقُ المقال بالقول انه لن يفلت احد، من كل هؤلاء، من العقاب العادل يوما، شأن جميع الجرائم التي ارتكبت ضد الانسانية.

اكرر، ثمة اكثر من جهة مسؤولة عن الجريمة التي ارتكبت في مدينة الفلوجة في وضح النهار، بما فيها، بل وفي المقام الاول، تلك الجماعات المتطرفة المسلحة من فلول اجهزة القمع السابقة وشريكاتها التي استوردت الجريمة والعنف والكراهيات ورطانات الجهاد والمتطوعين الظلاميين من مخاوير العالم وكهوفه وحولت المدينة الآمنة الى مسرح للمذابح والخراب والكوابيس.
وثمة في قلب المسؤولية القوات الامريكية، وادارة بوش، وتكية برايمر التي جهّزت لحرب الفلوجة الغاشمة اسلحة الدمار الفتاكة المحرمة والراجمات وفنون الابادة وكل ايديولوجيات الانتقام والغطرسة والاذلال والزهو امام محاولة الاخضاع العسكري لشرائح من السكان عارضت (ومن حقها) سقوط البلاد تحت الاحتلال، وهو امر تجري معالجته بالحوار وتعهدات الانسحاب.
وثمة، على نفس مستوى المسؤولية عن الجريمة، هناك طائفيون انكفائيون (من المذهبين) صنعوا من حرب الفلوجة خنادق لحروب فقهية نائمة، واضرموا نيران الكراهية بين جمهور المتدينين.
وهناك اصحاب ووكلاء الادارة السياسية لعهد ما بعد سقوط صدام حسين، وحكومة الحرب التي هربت الى مسرح العمليات التنكيلية في المدينة باغواء النصر السريع وبهوس استعراض القوة وبمحاولة كسب سباق الزعامات، إذ يتراشق الجميع، الآن، في المحافل ومن على الشاشات الملونة، بالتهم والطعون وسوء المصير والعاقبة، ويحاول البعض الآخر، اختزال الجريمة الى سوء تقدير، وتحويل الخطيئة الى خطأ، وتوظيف القضية في تصفيات الحساب السياسية، والى مسعى محموم لتسجيل النقاط في معركة المواقع والامتيازات والتزاحم على سلطة القرار.
الغريب في هذه الكوميديا السوداء ان تنطلق التهديدات بين اصحاب الشأن بانهم قد يضطرون الى كشف المستور (ولماذا اخفوه كل هذا الوقت؟) وطبعا لا احد، حتى الآن صعد الى مراقي الشجاعة ليعلن انه يتحمل بعض المسؤولية عما حل بالمدينة المغدورة، أو انه يضع نفسه تحت حكم العدالة، في الاقل.
والاغرب، ان ترتفع الاصوات من الكواليس، كما في كل مرة: اسكت عليّ، أسكت عليك.
 

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"من يتخلى عن حريته خوفا على أمنه، لا يستحق حرية ولا يستحق أمناً
"
                                                                                 بنيامين فرانكلين
 


جريدة(الاتحاد) بغداد




 

free web counter