| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                               الخميس 5/4/ 2012

 

عمركم طويل

عبد المنعم الاعسم

محللون امنيون يؤكدون بان العصابات المسلحة التابعة لفلول القاعدة وحزب النظام السابق دخلت في تنفيذ سلسلة من الاغتيالات تطال شخصيات وعاملين في مهن او منتسبين الى وظائف محددة، وهي خطة اجرامية سبق ان جـُربت (بنجاح) بحق قضاة واكاديميين وحلاقين وصاغة وخبازين واعلاميين وغيرهم، ومعروف ايضا (انتباه) بان عصابات اخرى ومن جماعات متطرفة مختلفة ومأجورة دخلت على الخط لتنظيم اغتيالات "موازية" والنتيجة ان بركة الدم اتسعت لضحايا من جميع الهويات العراقية المتآخية.

وتفيد بعض القراءات الصحيحة وتسريبات الاجهزة الامنية بان كواتم الصوت تستهدف هذه المرة شخصيات نافذة في اللوحة السياسية الامر الذي يلزم اطلاق صافرات الإنذار واليقظة، ففي هذا الجو المتوتر حيث تمتلئ خزانات السياسة وأقنيتها وشعاراتها بالاحتقان والريبة وانعدام الثقة، يمكن (وهذا احتمال وارد) أن تتسبب رصاصة كاتم صوت واحدة، لزعيم سياسي محوري، في تفليش كل ما تم بناؤه، وتغيير مسار الأحداث الى كارثة، ومَن لا يصدق (أو يتوقع) ذلك يمكنه الاستدلال إليه من سلسلة الاغتيالات المشهورة في التاريخ إذ غيّر البعض منها أقدار أمم وبلدان ومسارات (اغتيال الخليفة عثمان بن عفان) وأضرم بعضها الآخر نيران لم يُخمد لهيبها حتى الآن، كما هو الحال في اغتيال السياسي اللبناني رفيق الحريري.

لنفتح هذا الملف، حيث خرج قابيل من كهفه، قبل مائة الف عام، وانتحى جانباً وبيده صخرة ليفج بها رأس أخيه هابيل الذي مر في ذلك الوقت من أمامه، ويقتله في الحال، ثم، بعد ذلك ابتليت الخليقة في سلسلة من المكائد والاغتيالات فسال دم كثير، وحُزّت رقاب وقتلت أنفس، وسُمم واغتيل وذُبح دعاة ومصلحون وساسة وزعماء وقادة جيوش ومغامرون، في أجواء مُغبرة وملبدة بالريب والأحقاد فيما عوقب مارة وعابرو سبيل ومشتبه بهم بجريرة غيرهم، جناة أو ضحايا أو شهود، لكن الكثير من تلك الأحداث تركت آثاراً وجروحاً وخراباً وفتن اغتيال غاندي. اغتيال الملك عبدالله. اغتيال السادات) وثمة الكثير منها أصبح مضرباً للأمثال، أو عنواناً لإثارة عورات الماضي، كما حدث في نهاية حياة راسبوتين وما حدث لكليب وجساس في قصة داحس والغبراء.

كما لا تزال حوادث موت مثيرة حسبت في عداد المكائد وجرائم الاغتيال، وما جرى للأسقف بيكيت الذي اغتاله هنري الثامن ملك انكلترا، وكيف مات أبو الطيب المتنبي في الصحراء، أو موت ملك العراق غازي أو سقوط طائرة الأمين العام للامم المتحدة داغ همرشولد، أو مقتل الرئيس العراقي الأسبق عبد السلام عارف وموت الرئيس المصري جمال عبدالناصر، والغريب ان بعضها ضُمّ الى ملفات التاريخ كألغاز، منها استمرار البحث في خفايا اغتيال الرئيس الأمريكي جون كندي ثم اغتيال قاتله أوزوالد، والبحث حتى الآن حول جمجمة توت عنخ آمون لمعرفة أسباب الكسر في مؤخرتها ما إذا كان وراؤه حدث عابر أم جريمة اغتيال بالساطور.

عمركم طويل ايها الساسة.. لكن ماذا ينفعكم دعائي لكم، وعلى ابوابكم طوابير ممن يدعون عليكم.
 

"التاريخ سيناريو سئ للغاية".     
                             نورمان مايلر


جريدة(الاتحاد) بغداد
 

free web counter