| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                              الأثنين  4 / 8 / 2014



جملة مفيدة

غزاة من فصيلة دم واحدة

عبد المنعم الاعسم 

من الناحية النظرية، يُفترض ان "المجاهدين" الذي يحتلون الموصل باسم الدولة الاسلامية في العراق والشام"داعش" اعداء طبيعيين لاسرائيل ولحكومة نتنياهو التي تغير بطائراتها ودباباتها على غزة وسكانها الفلسطينيين الآمنين، وان داعش حليفة طبيعية لـ"المجاهدين" الاسلاميين من حماس والجهاد، تقاتل في خندقهم وتتحشد على تماس مع قضيتهم، وتُعدّ لهم ما استطاعت "من رباط الخيل" وتتقاسم واياهم ما قسم الله من بنوك الموصل التي سطت عليها والحراس نيام.

وللفرضية هذه، طبعا، لوازم حركية وسياسية ودينية، في الموقف، على الاقل، من بيوت العبادة، واحترام دم المسلم وعابر السبيل واصحاب الكتاب، ولها احكام صارمة موصوفة في فقه الجهاد "في سبيل الله" سلوكا وورعا ورحمة وامتناعا عن الولوغ بالدم والجريمة وقتل الناس على هويتهم وانتمائهم.

اقول، نظريا تُعد "داعش" عدوة لجيش الاحتلال الاسرائيلي الذي ينفذ خطة تدمير منهجية لمقومات الوجود الفلسطيني على ارض فلسطين، لكن هذه العداوة تنقلب الى تحالف جهنمي غير مكتوب، حين تنفذ داعش الصفحة الاخرى من هذه الخطة بتدمير مقومات الشعب العراقي في العيش على ارضه، وليس تهجير اتباع الديانة المسيحية عن منازلهم وارض اجدادهم غير مثال واحد من بين مئات الامثلة على همجية تتمثلها داعش هي الفرع الآخر من همجيات الغزاة، تمارسها بابداع ايضا قوات الاحتلال الاسرائيلي.

ثمة من يقع في السذاجة، او لا يرى عناصر التعقيد والتشابه والتداخل في اللوحة فيذهب الى منطوقات سهلة بالقول ان داعش صنعتها "الصهيونية" ويخلط بين صناعة الجهاد الارهابي وبين مصنوعات الالة الاسرائيلية. بين التابع والحليف. بين الحلف المكتوب والتحالف بالوكالة.. وتستسهل هذه السذاجة ابتلاع معلومات نيئة عن حاضنات اقليمية تقوم بالجمع ما بين جيش نتنياهو وعصابات داعش.

نعم، الغزاة، من كل الاجناس والالوان والرطانات هم متشابهون في الهوية وفصيلة الدم. انهم مختلفون في الجغرافيا ومتشابهون في التاريخ. مكانهم مختلف وبصمتهم موحدة. متشابون في وسائل القتل الاعمى وتنظيم المذابح واذلال المدنيين واشاعة الخوف، ومتشابهون في ما يتركون من مآسي وخراب وخوف وطوابير القتلى.

جنود نتنياهو يغسلون ايديهم، بعد كل حفلة من القتل الجماعي للفلسطينيين بماء يستوردونه، كذبا، من عبارات التوراة، وقطعان داعش يتوضأون، بعد كل مذبحة بتراب يزعمون انه من صفحات القرآن، وكأن بين اولئك وهؤلاء عقد باعلان الحرب.. من اجل الحرب.

"مَن لا حِكمة له، لا حُكم له"
                                  ابن عربي
 

جريدة (الاتحاد) بغداد



 

free web counter