| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

الأثنين 4/2/ 2008



نصف الحقيقة الآخر في تفجير سوق الغزل

عبدالمنعم الاعسم

القول، بعد جمعة سوق الغزل المروعة، ان القاعدة ترفس جريحة في العراق، وانها تعاني من حصار وملاحقة يومية، وتحاول، ردا على ذلك، اختراق الاسترخاء الامني في العاصمة، بواسطة مختلين عقليا تلغمهم للامساك بخيط العنف مجددا، والقول، ان قوى الارهاب حققت هذه المرة نجاحا فيما خص حملة الابادة على المدنييــن الابريــاء، وإرباك الاوضاع، وانهـــا ستتلقــــى ضربات موجعة ردا على هذه الجريمة البشعــة، والقــول، ان سلطة فرض القانون وحملتها لا تزال صامدة عند خط المواجهة، وان المعركة كر وفر، ولا مستقبل للارهاب لانه مشروع الماضي والضلال والكراهية،.. اقول، ان هذا القول ليس سوى نصف الحقيقة، فيما النصف الاخر يتمثل في ان ما حدث في سوق الغزل ملصق آخر، وليس اخير، لعارض سياسي ديني متطرف يضرب العالم كله، ويجد في مناطق الاضطرابات والحروب والصراعات والتآمر الخارجي والملازم الامنية والحدودية الرخوة (وهذا حال العراق) افضل ميدان لنشاطه واجرامه.
المشروع الارهابي في العراق انقطع منذ زمن بعيد (ربما منذ ان اسس دولة العراق الاسلامية) عن التوصيف الملفق كونه حركة مقاومة لشرور الاحتلال، او حتى رسالة احتجاج ضد حكومة العملية السياسية ومؤسساتها الامنية والادارية، فليس ثمة في الجزائر محتلون، وليس في الصومال او مدريد او روما او الدار البيضاء قوات امريكية، بل ان القوات الامريكية تنتشر في قطر ودول اخرى لا تطالها انشطة الارهابيين لا من قريب ولا من بعيد، وليس غير المغفلين من بقي يعتقد بان رسالة الارهاب وتنظيم القاعدة وخلايا الجريمة المنظمة وشعارات الجهاد والتحرير تمت بصلة الى فكرة مقاومة “ظلم الاجنبي” إذْ تدحرجت هذه الرسالة، في صور واضحة للعيان، الى حركة ردة دينية دموية مناهضة للنوع الانساني والحضارة.
اقول: النصف الاخر من حقيقة مذبحة سوق الغزل نراه يوميا في الطبيعة العالمية للنشاط الارهابي، وبمعنى آخر، فان العراق اصبح الساحة الرئيسية لهذا النشاط المجذوم، وهو يخوض الحرب اليومية ضد عصابات القاعدة وحلفائها من خارج الحدود بالنيابة عن العالم، وإن لم يكن ليرغب ان يحمل هذه المهمة الثقيلة والمكلفة، فيما العالم انقسم (اولا) بين متعاطف، يعاني هو الاخر من همجية النشاط الارهابي لكنه يخصخص الحرب عليه في حدود السيادة الوطنية و(ثانيا) متفرج، لا تعنيه اخطار الردة طالما هي بعيدة عنه حاليا بمسافات محسوبة ويكتفي بالشفقة على ضحاياه خارج هذه السيادة، و(ثالثا) متآمر يدين الارهاب لفظا ويشد في عضده سرا، ويتوسل له الذرائع والاسباب، ويجد فيه اداة ضغط سياسية وحرب على الولايات المتحدة الامريكية والغرب لدواعي مختلفة، وفي هذا المعسكر تجري عملية طهي الخرافات الاعلامية والايديولوجية عما يسمى “حق مقاومة الاحتلال بجميع الطرق المتاحة” كنسخة تُغلف بها سلسلة المذابح ضد المدنيين وتفجيرات الجسور وشبكات الكهرباء والماء واختطاف وقتل المارة وقطع الطرق واستيراد المغفلين المهووسين بالجهاد وآيات القتال في سبيل الله.. ومن هذا المعسكر يخرج جيش المهرجين من على الشاشات الملونة.

ـــــــــــــــــــــ
.. وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــــ

معاقبة الشر بالشر، إضافة شر إلى شر”.
                                        
قاسم أمين


 


 

Counters