| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الأثنين 4/6/ 2007

 

 

الوضع الامني في العراق..
تساؤلات ليست ساذجة


عبدالمنعم الاعسم

كيف عرف مراسل لصحيفة عربية تصدر من لندن وهو يتابع الاحداث الامنية في مدينة بعقوبه ان الاستعدادات والتحشدات والتغييرات اكتملت لدى الجانب الحكومي، وان الهجوم على معاقل “دولة العراق الاسلامية” في بعقوبة سيبدأ (انتباه!) يوم الاحد، الثالث من حزيران عام 2007 ؟ وان التغييرات في هيئة اركان القوى الامنية انتهت الى تعيين اللواء(.....) قائدا جديدا للحملة.
استدراك مهم: استطيع ان ابرئ المراسل من ظنة المسؤولية عن هذه الفضيحة الامنية، اخذا بالاعتبار حقوق الاعلام والاعلاميين المصانة في الوصول الى المعلومات وعرضها على الجمهور، وان حماية الخطط والحفاظ على سريتها وحقوق المباغتة، كما يعرف حتى لاعبو كرة القدم، هي شأن يعني القيادة، والجهات المسؤولة، في المقام الاول، ولن تترتب على من يحصل على تلك المعلومات ويفشيها اية تبعات إلا وفق القانون، والقانون جزء من الدستور.. والدستور العراقي في بطن الحوت.
القضية، كما ترون، ليست بسيطة، فلو اعدنا الى الذاكرة القاعدة الاعلامية القائلة ان لكل معلومة نوع من الخدمة، وانه لكل خدمة يحصل عليها طرف ثمة ضرر يصيب طرفا ما، لحقَّ لنا ان نتساءل: من هي الجهة التي حصلت على مثل هذه الخدمة من كشف تاريخ بدء الهجوم الامني في مدينة بعقوبة، ومن الذي تضرر من الخدمة؟.
القضية، ليست عابرة اذا ما عرفنا ان المدنيين من ابناء مدينة بعقوبة هم ضحايا هذه الخدمة المسمومة، وان الضرر وقع وسيقع عليهم مباشرة، فوق ما تحملوه من اضرار، اجملتها المصادر في خمسة عشر الفا من القتلى وسبعين الف من الجرحى والمصابين والفا وخمسمائة من المختطفين الذين ذبحوا والقيت جثثهم في منعطفات الطرف واكثر من نصف مليون نازح، وسبعين مسجدا سوي في الارض.. والحبل عالجرار.
يبدو من هذا السياق، ان ابو حمزة المهاجر، المعلقة برقبته نصف مليون مشنقة، لا يحتاج الى شبكة استخبارات فاعلة، او الى عيون ساهرة، لكي يتحسب إزاء خطط “العدو” ولكي يواصل مذابحه وتفجيراته واختطافاته ضد العراقيين ، اكثر من مطالعة الصحف التي تقدم له خدمة مجانية، إذ يتبرع اصحاب الاحسان بتحذيره، وايصال المعلومات الى ماخوره من دون عناء.
المشكلة تزداد بشاعة من زاوية الحقيقة التالية: ان الجهات الامنية تحجز معلومات عامة عن مفاتيح تحرك دولة المهاجر المتوحشة وعن شبكة اتصالاتها.. معلومات تخدم عملية تعبئة الملايين وتبصّرها بخطط العدو، فيما تطلق على اوسع مدى الكثير من المعلومات التي تساعد العصابات الارهابية في الافلات من القصاص. القضية مقلوبة، كما ترون، ولا تضنن انها انقلبت صدفة.
وثمة قضية ثانية، إذْ لا اعرف لتأكيدات رئاسة مجلس الوزراء انها تدين وتستنكر حادث اختطاف الخبراء الاجانب من وزارة المالية في وضح النهار ، وانها ستسعى للتدخل من اجل اطلاق سراحهم، غير معنى واحد هو ان الخاطفين “من اهل البيت” ومعروفون لديها، وان الامر يتمثل، كما يجري تفسيره، بوجود “مشكلة” قيد المناقشة مع الخاطفين، او مــع الجهـــة “شبه الحكومية” التي تقف وراء العملية، وإلا لماذا تجنب بيان رئاسة الـــوزراء العـــزم عــلى القصاص من مرتكبي هـــذه “الجريمـــــــة” التي ضربت هيبة الحــــكومة في قلبهــــا، واساءت الى سمعتها.
وعندما يقوم نفر من “اهل البيت” بعملية قرصنة امنية مثيرة، ومخطط لها من قبل منتسبين لاهل البيت، وبادوات من اثاث البيت، ومتعاونين من حاشية البيت، وضحايا من عمال البيت وعاملين ومتطوعين لاصلاحه وترميمه، فان المنطق الامني، وربما الاخلاقي، ولا اقول العشائري، يفرض القول انه ليس ثمة رقبة من رقاب اهل البيت ستكون بعيدة عن ساطور ذلك النفر الخارج على التزامات عقد السكن المعلن، والمصير المشترك.
وإذ يجمع المراقبون بان جيش المهدي يقف وراء الحادث(او ربما مجموعة منه تتصرف على نحو شبه مستقل) فان المنطق الامني هنا، بل ابجديات شروط الحماية الامنية ، ولا اقول شروط احترام قطرة الحياء، توجب فتح القضية على مصراعيها وتسمية الاشياء باسمائها، وهي ابسط ردود الفعل الغريزية، سيما ان الغارة الاجرامية التي تمت بموكب من حافلات قوى الامن الحكومية، وضمن تسهيلات وتغطية من قوى الامن الحكومية، لم تكن الاولى ولا الثانية، فقد تعرضت وزارة التعليم العالي في 14 نوفمبر الماضي الى غارة “نظيفة” من المغاوير اختطفوا (او اعتقلوا) خلالها مائة من الموظفين والمراجعين، وغادروا المكان بمثل مااستقبلوا من حفاوة، ولم تخرج ردود الافعال عن تشكيل لجنة تحقيق ظلت تدور في حلقة مفرغة بحثا عن راس الخيط، من دون طائل.
من دون لف او دوران، كان ينبغي على اصحاب بيان رئاسة الوزراء ان يتصرفوا بطريقة سياسية وامنية اخرى في مواجهة هذا الانتهاك الفظ، والصارخ، والسافر، والعدواني، واللاقانوني، والاجرامي، والبربري، والاستفزازي، والمهين لهيبتهم ومسؤولياتهم واسمائهم وعناوينهم وسمعتهم، وان يوحوا للمواطن، حتى من باب التخدير والضحك على الذقون، بان القانون والعدالة لا يعفيان احدا من العقاب الصارم، حتى لو كان هذا الاحد هو من اهل البيت ومن سكان طوابقه العلوية.
وحتى ذلك الوقت الذي نشهد فيه اجراءات جدية، وحازمة، ومنهجية، ومسؤولة، وصارمة ضد الخارجين عن القانون، وبخاصة اولئك الذين يتمتعون بامتيازات امنية ولوجستية ممن يعرفهم المواطنون باسمائهم الصريحة ويشيرون لهم، ولتكتيكاتهم، باصابع اليد، فاننا سنبقى نقول ان ارادة الوزارة مختطفة، وبحاجة الى عملية تحرير، قبل ان يجز الخاطفون رقبتها، ونقرأ عليها الفاتحة.. لا سمح الله.
اما ما حدث ويحدث في المنطقة الخضراء فان التساؤل يتجاوز حسن الظن في اكثر من معنى، اخذا بالاعتبار بان امن هذه المنطقة لم يعد يهم سكانها فقط، بل يهم ايضا سكان العراق جميعا، بالمعنى الذي يعنيه ان يكون للعراق حكومة او لا يكون، لأن هذه الحكومة، إذا شئنا الصراحة لا وجود لها خارج المنطقة الخضراء، الامر الذي يعرفه العالم كله، من جهة، ويعرفه اعداء الحكومة من اصحاب المشروع الارهابي وانصارهم الاقليميين وجميع قوى الردة والطائفية والتجييش في العراق، من جهة اخرى.
ولا حاجة للقول ان اجراءات الامن حول وداخل المنطقة الخضراء لا تضاهيها اية اجراءات في العالم الحديث باستثناء اجراءات الامن حول وداخل قصر صدام حسين الجمهوري، مع فارق واحد هو ان “امن” القصر الجمهوري نجح في حماية سكانه من اي عارض ولم تسجل طوال ثلاثين سنة اية محاولة اختراق لطوقه الامني واستحكاماته الاستخبارية، فيما سجل العام الاخير من عمر المنطقة الخضراء سلسلة عجيبة ومثيرة ولافتة من الاختراقات ليس اخطرها ما حدث في آذار الماضي حين دُك اجتماع في المنطقة الخضراء بين الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ورئيس الوزراء نوري المالكي بصواريخ موجهة كادت تصيب هدفها لولا متانة اعمدة المكان. وكانت القوات الاميركية والعراقية المشتركة قد ذكرت في وقت سابق انها احبطت عددا من المحاولات لادخال سيارات مفخخة ضمن مواكب نواب في البرلمان، وقد عُثر على سيارة ملغمة في المرآب الخاص برئيس مجلس النواب محمود المشهداني قيل انها كانت تستهدفه.
وفي الثاني عشر من ابريل الماضي تسلل انتحاري يرتدي حزاماً ناسفا الى كافتريا البرلمان في الطابق الثالث من قصر المؤتمرات وهاجم الاعضاء ما ادى الى مقتل نائب واصابة نواب آخرين، وقال مسؤولو الامن ان اجراءات جديدة ستتخذ لحماية المنطقة الخضراء من الاختراقات، غير ان انباء الاسبوع الماضي كشفت عن اعتقال شخصين تسللا الى داخل المنطقة المحصنة امنياً، احدهما كان ضابطاً في جهاز استخبارات النظام السابق نجح بالدخول بواسطة احد موظفي شركة بناء عاملة في المنطقة، وعلم على نطاق معين من وزارة الامن الوطني بان هذه الشركة التي يديرها متنفذون في الحكومة متواطئة مع عصابات ارهابية مسلحة، وان العنصرين الذين قبض عليهما كانا قد جمعا معلومات خطيرة عن شخصيات سياسية وعسكرية تعمل في المنطقة الخضراء، والمهم، معلومات عن مقرات مهمة للحكومة والقوات متعددة الجنسية وتهيئة قاعدة بيانات تساعد الارهابيين في تنفيذ هجمات داخل المنطقة الخضراء.
وتفيد احدى المعلومات بان الجهات الامنية في المنطقة الخضراء ضبطت مؤخرا حزاما ناسفا كان ملقى على احد الارصفة داخل المنطقة، تخلص منه حامله، على ما يبدو، بعدما وجد نفسه غير قادر على تنفيذ هجوم مخطط له، كما تم العثور على قنابل يدوية مخبأة في الاحراش بإحدى الساحات العامة في المنطقة الخضراء، ونقل عن ضابط في وزارة الامن الوطني قوله ان عددا من القادة والكوادر السياسيين من سكان “الخضراء” تلقوا تهديدات بالقتل والتصفية واختطاف عائلاتهم إذا لم يتعاونوا مع الارهابيين، او الرحيل من المنطقة، وكان آخرها تهديدات مكتوبة القيت في حديقة دار احد النواب.
سنكون ساذجين حين نعتقد ان كل هذه الاختراقات حدثت من خلال غفلة امنية لحراس مخلصين.. فثمة امم كثيرة ابيدت عن بكرة ابيها حين كان حراسها يغطون في النوم.
ـــــــــــــــــ
كلام مفيد:
ـــــــــــــــــ

الملابس المعارة لا تدفئ ”.
                                 اينشتاين