| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الأربعاء 4/7/ 2007

 


 

اجراء كردستاني يستحق التصفيق


عبدالمنعم الاعسم

إذ تتحول المساجد، عن تخطيط، الى مفارخ للارهاب والسطو والجريمة المنظمة والكراهية، والى متاريس للحرب الطائفية وكواليس للتهريب وصفقات لتفكيك الدولة، والى ساحات لمحاكم تفتيش كيفية، تهدر الدماء وتفرض الاتاوات وتنظم غارات التشليح وتوجه التهديدات، وتحقق وتجلد وتعتقل، والى سلطة استبدادية، لهذا الحزب او ذاك، ولهذا السياسي او ذاك.. تتحكم في رقاب الناس وملابسهم وشــــــــــــــــؤونهم وحـــــــــــرياتهم، وتقضي باجلاء سكان الاحياء عنوة لدواعي الانتماء الطائفي، والى مراكز اعلام ودعاية ودق طبول الحرب والفتنة.
اقول: اذ تتحول المساجد، في وضح النهار، الى ساحات للصراع السياسي والفئوي والطائفي، وتمعن، في الاستقواء على القوانين والحقوق المدنية وحريات الناس، وتحل محل الدولة، بل تلغي الدولة نفسها، وإذ تقفز من فوق وظيفتها الروحية والفقهية والشرعية الى وظيفة الحكم بالهراوة، ويقابل بعضها البعض، كما يحدث في مدن واحياء كثيرة، فتتبادل الصواريخ والاسرى والشتائم، وتنشر الهلع والخوف والاحقاد، ويحدث ذلك بين آذان وآذان، وبين موعظة وموعظة، وبين تلاوة للقرآن وتلاوة تليها.
اقول ايضا: إذ تتحول مساجد الله، عن رضى اصحاب الشأن والقول الفصل، الى اداة للفلتان الامني والبغضاء، فقد اصدرت وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية في حكومة اقليم كردستان-في هذا الوقت بالذات- قرار تاريخيا يستحق التصفيق بمنع "أي نشاط سياسي أو تجمع حزبي داخل المساجد في الإقليم" وذكّرت "بان المساجد أماكن للعبادة وليس للنشاط السياسي"ولوحت باتخاذ أشد الإجراءات ضد كل جهة، تحاول استخدام المساجد وأماكن العبادة الأخرى للأغراض الحزبية، الامر الذي لا يعد تحديدا لحريات المواطنين المؤمنين، لأنه لا يمنعهم من اداء فروض العبادة التي وجدت المساجد من اجلها، من جهة، ولا يحرمهم من التعبير عن آرائهم السياسية خارج المساجد، وفي المحافل والساحات المتاحة، من جهة ثانية.
ان القرار الكردستاني يعيد الى الواجهة ملفا خطيرا يتعلق بكيمياء العلاقة الحساسة بين المسجد والحكم.. بين المؤسسة الدينية والسياسة..ويستعيد حكمة الفصل بينهما انطلاقا من حقيقة ان لكل من المسجد والحكم وظيفة اعتبارية مختلفة، وباستثناء الانظمة الثيوقراطية المنبوذة، فان دول العالم جميعا تضع قواعد لمكانة ودور ووظيفة دور العبادة، ومن بين تلك القواعد تحريم تسييس المساجد، وتجريم استخدام دور العبادة لاشاعة العنف وشعارات الحرب والكراهية والانتقام.
والغريب ان معارضي هذا القرار هرعوا الى الحجة البالية التي قبرت منذ ما يزيد على الف عام بالقول ان المسجد وجد لمعالجة شؤون الناس وادارة علاقاتهم ومصالحهم، وكل هذا-حسبهم- اصل السياسة ومصدر الحكم، غير ان اصحاب هذه الحجج نسوا ان المسجد كان يقوم بمهمة الحكم، فضلا عن دوره الروحي، عندما لم تكن هناك دولة، وانه بالامكان ان يعود المسجد-في حال العراق- الى وظيفته القديمة كمكان للحكم، لكن عندما ينتهي العراق كدولة وينتقل الى كهف في افغانستان مع بضع خرافات، او الى خيمة في الصحراء، مع بضعة بعران.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
.. وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
" الحنين الى الماضي مشروع.. اعادة الماضي جريمة ".
                                                                  نزار قباني