| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

الخميس 4/11/ 2010

 

هستيريا الذئاب

عبد المنعم الاعسم 

تحتاج الذئاب الجريحة الى ضحية من نوع خاص، لكي توغل في دمها، وتفرغ فيها شحنة الانتقام المنفلتة، وتتسلى بلحظات ومشاهد احتراقها، ويشاء عابر الطريق الآمن، الطيب، ان يكون هدفا سهلا لهذا الهوس المتوحش، ولقطة مناسبة للتمرين على التنكيل والافتراس، إذ تكون الضحية في حال سلام مع العالم، وقلة احتساب للمخاطر.

عصابات الارهاب، وبالرغم من فجوات الحماية، تلقت ضربات قاتلة، حين اجليت عن هامش المكان الى هامش المجاري، وتركتْ، وتترك على ارض المعركة، الكثير من فطائسها وبصمات جرائمها، وضاقت من حولها، وهي طريدة منبوذة، السبل والمنافذ تحت طائلة العدالة وقانون القصاص، فصارت تضرب، من غير مردّ للرحمة، مدنيين آمنين يؤدون صلات المحبة في كنيسة، او يتبضعون في سوق، او يسعون الى رغيف خبز من كدّ نبيل.

مساء الثلاثاء، وبعد نهارين على مذبحة كنيسة سيدة النجاة كان للعراقيين الآمنين، العابرين، الكادّين، المتحدين بسلام الصدف والتزام فروض الحياة، موعد مع الذئاب المجروحة، وهذه المرة، في سيارات مفخخة عمياء، شاءت الهجمة ان لاتعفي حيا او منعطفا او سوقا من تمرينها الدموي السافل وان تقتل اكبر عدد من النساء والاطفال والشيوخ، وفي سرها، ان ذلك يضاعف الاسى، ويشفي الغليل، ويحقق العقاب.

قطعان الارهاب اخذت من الذئاب طباعا كثيرة، انظروا، كيف نظموا مذبحة الكنيسة بدم بارد، وكيف فجروا السيارات في المزدحمات المدنية باكثر ما تملكه الذئاب من فجور وغدر وتعطش للدماء لتضاف الى تلك الصفحات المتوحشة التي سجلت جرائم الاختطاف وقطع الطرق وفنون الذبح والترويع، ثم اقرأوا بياناتهم التي تزدحم بفقه التمثيل بالجثث والتسلي بتعذيب اولئك الذين القت بهم حظوظهم في طريق المغيرين الهمج، ثم اكتبوا، للتاريخ، اننا شهود لهذا الفصل الحاسم للصراع بين القطعان المنفلتة من الذئاب الجريحة والملايين الامنة.

وفي استدراكات المذبحة سنسجل هذه المفارقة السوداء: لا يزال الكثير من الساسة يختزلون الجريمة الهستيرية للارهاب الى ورقة في المخاشنة بينهم، فمن يراها تستهدف موقعه على سطح السلطة، ومن يراها دالة على عدم اهلية اصحاب السلطة، فيما طابور الجنائز والنائحات يتشكل على هيئة سؤال: الى متى؟.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
التاريخ كابوس لم افق منه حتى الآن"
                                      جيمس جويس
 

جريدة(الاتحاد) بغداد

 

free web counter