| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                                         الأربعاء 4/5/ 2011

 

العفو العام.. هذه القوانة

عبد المنعم الاعسم 

خبر طيب ان يُعلن مؤخرا العفو عن مسلحين تركوا القتال في صفوف الجماعات الارهابية، وان يجري تشجيع الاخرين على اللحاق بهم في تسهيلات واجراءات تدخل في صلب واجبات الحكومة، مع التحذير من استخدام اللغة المهينة “مثل العودة الى الصف الوطني” التي طالما استخدمت في السابق (وتفنن فيها نظام الدكتاتورية البغيض) في غير معنى الصف وفي غير دلالة الوطنية.
اما الحديث عن العفو العام عن المسلحين واللغط الذي يدور عن الجهات المشمولة به، فان الصيغة المقترحة والمطروحة على المناقشة والتشريع من البرلمان انطلقت، ومضت، من مغلوطات سياسية وقانونية عن مفهوم التسامح والعفو العام كما هي في القوانين الدولية وفي حالات دول وتجارب كثيرة شهدت تطبيقات هذا المفهوم على الجماعات المسلحة.
وينبغي استباق المعالجة للقول ان جميع التطبيقات المعروفة في التاريخ مثل اعلان السلام والعفو بعد الحرب الثانية، والحرب الكورية وحروب فيتنام وافريقيا وكمبوديا والحرب الاهلية اللبنانية وحروب جنوب افريقيا ويوغسلافيا السابقة وبعض جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق لم تقفز من فوق القصاص من اولئك المجرمين الذين نظموا المذابح واعمال القتل الهمجية للمدنيين، ولم يكن العفو ليشملهم وفق القانون والعدالة.
لكن المهم في هذا الملف ان جميع الحالات التي نجحت فيها سياسات العفو والتسامح كانت قد ترافقت مع نهاية الحروب والاعمال المسلحة والاضطرابات الامنية وانتقال المسلحين، وحتى مجندي الطابور الخامس، الى الحياة المدنية في ظل وضع جديد متغير قائم على اسس السلام واعادة البناء والشراكة الوطنية، وفي كل الاحوال يُحصر القصاص بعدد ضئيل من الجناة، مقابل حصول الاخرين حقوقا مدنية كريمة كمواطنين احرار، وفي دولة قانون ومساواة، فيما يجري اعتماد ثقافة منهجية لدمج شظايا المجتمع المتنافرة، وتصفية اثار مرحلة الحرب ومكارهها.
في العراق، يواجه اي تشريع للعفو العام، وقبل الدخول في تفاصيله، عقبة اعتراضية تتمثل في ان الوضع العام لم يتحول بعد نحو الحياة السلمية ولم تلقِ الجماعات المسلحة التابعة لتنظيمات الاسلام الجهادي الارهابي وفلول النظام السابق وجماعات الجريمة المنظمة سلاحها عن ارادة ورغبة في الانخراط في الوضع الجديد، وما زال قطاع سياسي نافذ موزع بين مغازلة المسلحين او الاستقواء بهم او (من جهة اخرى) التذرع بوجودهم للتمسك بالسلطة والتجييش الميليشوي والمتاجرة بالطائفية.
الى ذلك، ومما يعقـّد ويفرٍغ فكرة العفو العام من مضمونها ما نراه من هوس تحويل اي اجراء سياسي لتطبيع الاوضاع وبناء عهد السلام الى ساحة مزايدة فئوية واتهامات عبثية وتمارين على الخطابة ودق طبول الحرب ثم سرعان ما تنفتح على التساؤل الوجيه: العفو عن مَنْ؟.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"هل عندكم غبار في عيونكم؟ إذا من الأفضل عدم فركه
"
                                                             طاغور


جريدة (الاتحاد) بغداد
 

 

free web counter