| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                              الأثنين 4/3/ 2013

 

من هو "المنقذ"؟

عبد المنعم الاعسم 

كذبة رائجة بدأت تنتشر مبكرا في الساحة الانتخابية : “واحد ينقذ العراق.. لا غيره” يقال انها جاءتنا من الخارج على هيئة نصيحة، ويقال انها طبخت في غرف مظلمة، ويقال ان المنقذ نفسه صدق الكذبة مثلما صدق اشعب كذبته يوم قال للاولاد ان ثمة وليمة باذخة في منعطف اقصى البيوت، وحين هرعوا الى صوب الوليمة المزعومة ركض وراءهم وهو يردد : ربما الامر صحيحا فأنال وجبة دسمة.

الجدل الدائر حول من ينقذ العراق من الهاوية ينزلق شيئا فشيئا الى التقليل من شأن وجدوى وضرورة وشرط مبدأ الشراكة، والحاجة الى العقول الجمعية، كما يتجاوز حقيقة ان مشاكل العراق الكبيرة اكبر من ان يستوعبها عقل لوحده، أو ارادة شخص واحد، ويلاحظ من بعض التصريحات المراهِقة والكتابات المدّاحة والاعلانات التلفزيونية الفاقعة ترويجٌ متصاعد لخرافة ان هذا المرشح او ذاك هو "المنقذ" الذي سيأتي بالحلول، وبالامن والكهرباء وراحة البال، لأنه الوحيد الذي يعرف فوق ما يعرفه الاخرون، ويعمل ما لا يستطيع ان يعمله غيره، ويخطط ما لم يكتشفه احد من المخططين والاستراتيجيين من الخطط، وانه الذي سوف يجترح المعجزات، و"يمشي فوق الماء".. ولخرافة المشي فوق الماء قصة نأتيها في خاتمة المقال.

المشكلة، ان الذين جربناهم، والذين لم نجربهم، جاءتهم الفرص المواتية لكي يكونوا منقذين حقا فاخفقوا في ان يكونوا كذلك، ولنقل (للموضوعية) انهم قدموا (على نحو متفاوت) بعض الاعمال والمنجزات والمبادرات بالحدود التي اتاحتها طاقاتهم المحدودة وامكانياتهم وتجاربهم الذاتية، وبالقدر الذي سمحت بها ظروف العراق، مقابل اخفاقات وخطايا وعثرات وتخبطات نجني كوارثها وثمارها المرة على مدار الساعة.

اما حكاية المشي فوق الماء، فقد جاء رجل من مريدي الصوفي سهل التشتري المتوفى عام 886 ميلادية وقال له : ان الناس يقولون ان بمقدورك ان تمشي فوق الماء، فكان رد سهل بان طلب منه الذهاب الى مؤذن في المدينة معروف بصدقه كي يسأله عن الامر، وحين ذهب المريد الى المؤذن تلقى الجواب الشافي منه إذ قال له : انا لا اعلم إن كان شيخنا سهل يمشي على الماء، ام لا، لكن ما اعلمه هو ان الشيخ الجليل حين قصد حوض الماء ذات يوم بغية الوضوء سقط فيه وكاد ان يموت غرقا لو لم اسارع الى نجدته وانقاذه.
 

free web counter