| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                               الأحد 4/3/ 2012

 

اختراق شبابي للركود السياسي

عبد المنعم الاعسم

لا يجري هذا إلا في بلد مثل العراق، كان قد قذفت به الدكتاتورية والحروب والصراعات السياسية الى مكان محرج في التاريخ، بحيث تداخلت فيه الاجيال والارقام والحسابات، وانتهى به المطاف الى الصورة الاتية: شابات وشبان بعمر الزهور يعكفون، طوال ساعات، وفي يوم عطلتهم واستراحتهم ،على مناقشة الاخطار والخطايا السياسية التي صنعها الكبار، بدل ان ينصرفوا في هذا اليوم، الجمعة الثاني من آذار، الى مواعيد الصداقات وصالات السينما والبليارد وضفاف الانهار ومشاوير المحبة والرياضة والسفرات ودور الثقافة والهوايات، كما في كل العالم.

كان موعدنا في ذلك الصباح الحميم مع المئات من الشابات والشبان في صالة كبيرة بقلب بغداد، جاءوا من احياء العاصمة واطرافها واقليم كردستان، مبكرين، وبقسمات صارمة ومتفائلة، واوراق، ومناديل، وايادي ناصعة، ووشوشات تتألق برسائل الثقة بالنفس، وحسنا فعل أصحاب الدعوة بأن وضعوا الضيوف “الشيوخ” من انصار قضية الديمقراطية في جناحين متقدمين من القاعة، شهودا ومستمعين وحكماء، إذ بدوا، في صورة متخيلة، وكأنهم يقولون للمؤتمرين الشباب: تقدموا ايها الابناء النجباء، ها نحن نفسح لكم الطريق لكي تكملوا المشوار الذي قطعناه.

ما اشجع هؤلاء “الاولاد” وهم يتسلقون طريقا وعرا عنوانه “تشخيص الازمة السياسية في البلاد وتقديم حلول لها” الامر الذي عجزت عنه جحافل الاحزاب والجيوش والعقول.

كانوا يتلمسون الطريق، يتعثرون، يستأنفون، يختلفون، يتفقون، يقبـّلون بعضهم، يصفقون برنين له مغزى، يهتفون، يناقشون من غير خندقة او وجل او مجاملة، من خلال ادارة تعرف قيمة الوقت وحساسية المهمة المطروحة.

وما اجملهم، وهم يصافحون الكبار، باحترام لمقاماتهم، واعتراف بفضيلة الافكار التي توارثوها عنهم، وعزمهم على العبور بها الى افكار اضافية، ورؤى جديدة، وصياغات نوعية بديلة للحياة والواقع.

هكذا، بادر شباب التيار الديمقراطي الى اقامة مؤتمر اختاروا له شعار: “نحو رؤية شبابية ديمقراطية لحل الأزمة السياسية في العراق” وعلى مدى ثلاث ساعات متواصلة تناوب العشرات من المتحدثين، من الشابات والشبان، على تسليط الضوء باتجاه اختلالات السياسة القائمة وعقم المناهج التي تطبقها القوى المتنفذة، والمخاطر المحدقة بالعراق، وثقوب القارب الذي يحمل اسم العراق، ماضيه وحاضره، في رحلته الشاقة لبناء حاضرة مدنية اتحادية ديمقراطية منشودة.

كان ، بوجيز الكلام، اختراقا شبابيا للركود السياسي، وقل للضياع السياسي، بانتظار ان يتطور هذا الاختراق الى فعل حركي بمستوى الاحلام الجميلة التي حلقت بنا في ذلك الصباح الآذاري الرائع.
 

اِعقد العزم على التصرف بدون تردد وتحمل تبعات تصرفك، فليس من خير يأتي به التردد إلى هذا العالم”.
                                                                                                       توماس هكسلي



 

free web counter