| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الأحد 3 /12/ 2006

 

 

قبل ان ينتصر الجنون

عبدالمنعم الاعسم


فيما يصم العالم آذانه قبل ان يسمع النبأ الزلزال بان الجنون انتصر نهائيا على العقل في العراق، وان المشهد دخل في نقطة اللاعودة، بل في جنازة، وان التاريخ مقبل على تشييع هذه الحاضرة الى مثواها الاخير.
وقبل ان يفتح العالم عينيه على عقارب الساعة العراقية وهي تمضي فوق جثث مترامية ليس ثمة من يرفعها عن الارصفة، وان العراقيين صاروا طعما للجراد او للمجهول الذي يتخذ شكل نهاية كارثية لشعب فائض عن الحاجة.
وقبل ان تنزل الستارة على ما تبقى من فروض الحكمة والتدبر، وترُفع عن فصول من الهمجية والخرافة والاباطيل، باسم جيش المهدي أوجيش انصار السنة أو جيوش القرآن والفتح والانتقام والابادة.
وقبل ان تملأ طوابير النساء والاطفال المسبية الشاشات الملونة، ويظهر المسلحون، الطائفيون والارهابيون، وهم يقرأون معا، في المصحف، خاتمة الحياة والطمأنينة في العراق، غير ماسوف عليه.
وقبل ان تستحيل خارطة البلاد الى فزورة، او خرقة يتقاذفها اسياد الحرب الاهلية الطائفية، ويختزلها العالم الى خاتمة من الكوابيس المثيرة، ويشير لها المؤرخون باعتبارها واحدة من المحفوظات او المخطوطات او الذكريات.
وقبل ان تزحف الملايين العراقية الى الحدود ومنها الى المنافي وارض الله الواسعة، او الى الخيام او المستوطنات التي ترتزق من تبرعات المحسنين في الامم المتحدة ودول الجوار.
وقبل ان يعلن العالم انه عاجز عن ضبط تدهور العراق نحو الغابة والى احتفالات الابادة، وانه لا يملك قرارا بالتدخل او قرارا بالسكوت إزاء ما يجري.
اقول، قبل ان يحدث كل ذلك، وقبل ان تُغلق نهائيا خطوط الاتصال بين المعسكرات السياسية المشاركة في العملية السياسية المحتضرة، وقبل ان يتخلى زعماء الاحزاب الطائفية عن اللعبة البرلمانية المسلية وينسحبون الى مليشياتهم وتكياتهم، وقبل ان تتكشف اسنان الضواري الطائفية عن احقاد دفينة وشراسة لا سابق لفتكها، وقبل ان تتنازل الجيوش العراقية والاجنبية عن وظيفة حماية آخر الحيطان المتداعية.
قبل كل ذلك فان السؤال الوجيه هو: مَن هو الذي سيمنع كل هذه الاخطار؟ ويوقف التداعيات؟ ويعيد الثقة الى المتحاورين والمتحالفين؟ ويعيد العقل الى الرؤوس؟.
ستبقى هذه الاسئلة معلقة من ارجلها حتى تتضح نتائج حركة من الاتصالات والكواليس والتسريبات والمشاريع والرسائل والمفاوضات التي تنطلق الآن في سباق اخير وحاسم مع الكارثة المحدقة، حيث تظهر على مانشيتات الصحف ومقدمات نشرات الاخبار برقيات عن محاولات لاشراك دول الجوار والمحيط الاقليمي في مسؤولية ضبط العنف ومنع تدفق الاسلحة والبرابرة وتصفيات الحساب، وبرقيات اخرى عن شروط والتزامات وتراجعات ومحاصصات، وبرقيات ثالثة عن سيناريوهات وخارطات طريق قيد الاتفاق.
الجميع يتحدث عن ضرورة اطفاء الحريق العراقي الآيل الى حرب مفتوحة تعبر الحدود برهاوة، وبقانون حركي يقول: ان حدود الدول لا تمنع الازمات والاحتقانات والانشقاقات وتضارب الاجندة والحرائق المحلية وشظايا الحرب الاهلية من ان تعبر وتنتشر الى ما يسميه الاستراتيجيون بالمنخفضات التي تستدرج التوتر وتعيد انتاجه بمقاسات خطيرة ..فكيف اذا ما كان الاقليم الذي يقع فيه العراق عبارة عن منخفض؟.

ـــــــــــــــــــ
..وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــ
اسفينة الوطن العزيز تبصري
                                  بالقعر لا يغررك سطح الماء

                                                  
   معروف الرصافي