| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                                         السبت 3/9/ 2011

 

لصوص شرفاء.. جدا

عبد المنعم الاعسم 

ما يشبه البشرى، او الفضيحة، لايهم، انْ نسمع بان حكماء “طيبين” هنا وهناك يدعون الى الرافة باللصوص الذين سطوا على قوت الشعب، لاعتبارهم ضحايا، او اسوياء في دواخلهم، او متورطين عن غفلة، او من “ابناء اصول” او انهم (انتباه) يوزعون ما سرقوا، او بعضه، على فقراء او دور خدمة عامة ومنظمات مجتمع مدني وانشطة موصوفة بباب “لوجه الله تعالى” توبة له او تكفيرا عن جنايتهم.

انهم يذكروننا بالشخصية الخيالية من القرون الوسطى “روبن هود” الذي كان يعيش في غابة شيروود بانكلترا، ويغير منها على ضيعات الاثرياء لينهب منها الاموال لمساعدة المعوزين والجياع، وصارت موضوعا رومانسيا في دواوين الشعر وفي صالات السينما والمسرح وقاعات الاوبرا، كما يذكروننا باللص الظريف ارسين لوبين الذي اخترعه الكاتب الفرنسي موريس لبلان وصار مثار اعجاب المراهقين بالنظر لشجاعته وروح الفروسية والشفقة والوفاء التي تحلى بها على الرغم من شغفه بالسرقة وفنونها، الامر الذي لا وجود له إلا في الخيال والفرضيات، وفي الدعوات المغشوشة للنظر بعين العطف الى الحرامية.

حقا، ثمة لصوص، يقول علماء النفس، يرتكبون اعمال السرقة استمتاعا بها، او ترضية لانحراف في السايكولوجيا دون الاهتمام بعائدها (راسكولينوف بطل رواية دستويفسكي- الجريمة والعقاب) ويسمون هذا المنحرف “داء السرقة” والبعض من اولئك اللصوص يلقون ما يسرقون، مهما كانت ثمينة، في اول منعطف على قارعة الطريق، ويدخل في اطار هذه المجموعة “الشريحة” من اللصوص اولئك الذين يسطون على جهود غيرهم، اعمالا ومؤلفات، ويضعون اسماءهم عليها، وقد سـُجلت بالنسبة للقوانين الدولية في خانة الجرائم تحت الملاحقة والقصاص.

يريد اصحاب الرأفة باللصوص الذين لطشوا الملايين من اموال الشعب وثروته ووزعوا منها فتات لاغراض الدعاية والوجاهة والزعامة، ان نكون متسامحين معهم وان نصدق انهم تابوا “توبة نصوح” ولن يعودوا الى السرقة، ويخفوا علينا حقائق مخيفة عن ترخيص وتشجيع وتغطية كان قد نالها اللصوص المطلوب إعفاؤهم من هؤلاء الحكماء واتباعهم ووكلائهم في صفقة تقاسم المنهوبات، ويتحدث مواطنون قريبون من دائرة الاسرار عن شواهد تـُرى بالعين المجردة لاملاك وفضائيات وبنوك ومتاجر وفيض نـِعم محسوبة، شرعا، بالسحت الحرام، ومسجلة لمالكين او لبطانة او لشركاء يعيشون بين ظهرانينا.

المشكلة ان حكماء الرأفة لايكتفون بالدعوة الى مسامحة اللصوص والسراق والنهابين والمزورين، بل انهم يريدون مكافأة هؤلاء باعتبارهم ضحايا للتشهير.. تصفيق.

"لا احد يسبقك إذا كنت تمشي وحدك"
                                          حكمة اثيوبية


جريدة (الاتحاد) بغداد
 

 

free web counter