| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                              السبت 3 / 8 / 2013


 

كابوس في مجلس الوزراء
اسمه: "لجنة التحقق"

عبد المنعم الاعسم 

القضية تخص معاملات المفصولين السياسيين في مرحلتها النهائية، إذ اخترعت العقلية العقابية اغرب طريقة لإذلال اصحاب الحق بوضع شروط ومعابر مستحيلة تتزايد تعقيدا وغُلا كل يوم، وتلزم بها اللجان الوزارية التي هي الاخرى تمعن في ترويض صاحب المعاملة الذي القى به حظه العاثر على ابوابها. اما الاستشارية القانونية في الوزارات فانها تحولت من عنوان الاستشارة الى ساطور يقطّع اوصال الحق البائن للضحية على يد موظفين لا احد يعرف من اية مدرسة قانونية تخرجوا، وتشاء الظروف الكوميدية، ان يضطر معارضون سابقون (ادباء كبار ومقاتلون للدكتاتورية وقادة رأي وعلماء واكاديميون - اعرف العشرات منهم بالاسماء والوقائع) الى التخلي عن حقوقهم بمواجهة اجراءات المرمطة والاستهتار في سلسلة طويلة من الدوائر والموظفين المعبئين ضدهم، والبعض منهم شركاء سابقون لكباء مسؤولي الدولة في معارضة النظام السابق، ولم تشفع لهم اسماءهم وامجادهم في تسهيل اعادة حقوقهم ولا اقول تكريمهم بما يليق.. ثلاثة امثلة فقط اسوقها معتذرا لاصحابها (الشاعر مظفر النواب. السياسي الكبير احمد الحبوبي. عائلة الشهيد صفاء الحافظ)

ساقطع مجرى الموضوع لاثارة فاصلتين حساستين، الاولى، لم اكن شخصيا ضحية للجنة التحقق، كما اشار زميلي الكاتب في (المدى) علاء حسن فقد تصبرت بالعناد على مراجعات مذلة ومضنية وماراثونية لثلاث سنوات متواصلة حتى احصل على قرار اللجنة، والثانية، هي حصول عشرات الالاف (وربما اكثر بكثير) على حقوق كمفصولين سياسيين ولم يكونوا كذلك، وقد مرّت معاملاتهم "الملتوية" بسهولة وشفافية من لجان الوزارات والاستشارية القانونية ولجنة التحقق وعليها تواقيع وزراء وموظفين كبار واعضاء لجان، وبعض اصحابها ممن كسب فرصا وامتيازات مطعون بسلامتها في جميع العهود، وبعضهم، حتى لم يراجع دائرة ولم يتحمل شقاء التدافع والمهانات ولعبة "صحة الصدور" سيئة الصيت، ويبدو ان قرارات لجنة التحقق غطّت هذه الحالات بضمير وظيفي بارد، ولا اغامر بالقول: بضمير فئوي او حزبي متواطئ.

ولعل آخر ما توصلت له اللجنة من فنون التنكيل هو احتساب مدة الفصل من تاريخ اللجوء في بلدان اللجوء واهمال ما يزيد على عشر سنين كان صاحب المعاملة قد ترك وظيفته والبلاد قسرا وموثقة بكفاية من الشهادات.

لجنة التحقق (ولديّ عشرات الامثلة والحالات والاسماء المعنية لضحاياها) هي جهة شبحية، او هي مقبرة سحيقة لحقوق مواطنين ينبغي تكريمهم ولا تطالهم شبهة التلاعب، وقد قامت برصد الوانهم السياسية، بمهارة انتقائية متناهية، فما إن تقلّب بضعة اوراق من المعاملة حتى تستيقظ لديها مجسات التمييز والتنكيل بهم، حيث لا يكفي ان يقدم اصحاب المعاملات وثيقة واحدة او اثنتين معتبرتين دليلا على حقهم في استرداد وظيفتهم، بل وصلت الى اكثر من عشرة وثائق من مختلف الجهات ومن اطراف الدنيا لتأكيد هذا الحق دون جدوى، فترفض جميعها. اما معاملات الاعتراض على قرارات اللجنة فانها اقرب ما تكون الى مضيعة للجهود والوقت والكرامات وطرق الابواب وهذه مفردات كوابيسية اضافية بالنسبة للمئات من اصحاب الاعتراضات.

لقد علمت من مصادر عديدة اثق بها بان اعضاء لجنة التحقق غير كفوئين (اعتذر عن توصيفات اخرى قاسية) ودون مستوى تحمل مثل هذه المهمة التي تتعلق بكرامات ومقامات وحقوق، وقد اطلعت على "نماين" متفرقة من عسفها والايغال بايذاء اصحاب المعاملات السليمة الوقائع، وسأذكر مثالا واحد، هو اعتراض سيدة (اسمها الكامل معروف عندي) لدى اللجنة على قرارها بشطب نصف مدة فصلها، للفترة من خروجها من العراق (1979) الى تاريخ قبولها لاجئة في بلد اوربي(1990) وذلك بالتشكيك في مغادرتها الاضطرارية للبلاد قبل وصولها الى بلد اللجوء. والمعاملة برقم (19248) بتاريخ(21/7/2013) والوثائق التي تثبت اضطهادها ومغادرتها وموثقة من جهات رسمية هي الآتية مع تأشيرات اللجنة حيالها :

ــ شهادة اثنين من موظفي دائرتها لازالا في وظيفتهما كونها اضطهدت من البعثيين واضطرت الى ترك الوظيفة عام 1979(غير مقنعة من لجنة التحقق)
ــ كتاب رسمي من وزارة الهجرة والمهجرين بانها غادرت العراق قسرا عام 1979(غير مقنعة للجنة) .
ــ شهادات ميلاد اثنين من ابنائها ولدا خارج العراق في اعوام الثمانينات، موثقة من وزارة الخارجية العراقية(غير مقنعة).
ــ شهادة من حزب سياسي معتمد وعريق بان السيدة كانت عضوا فيه ملاحقة من اجهزة النظام السابق وطلب اليها الحزب الهروب الى خارج العراق.
ــ شهادات موثقة عن عملها خمس سنوات كمحاسبة لدى الحكومة السورية في الثمانينات(غير مقنعة)
ــ اكثر من شهادة تؤكد ان عائلتها تعرضت لتنكيل البعثيين في مختلف العهود بينها استشهاد اثنين من اشقائها واعتقال اربعة اشقاء اخرين. (غير مقنعة للجنة).

وفي الاخير ردت اللجنة برفض التماس اعادة النظر بقرارها.

/ تفيد السيدة انها شكت لدى "مكتب شكاوى المواطنين" في مجلس الوزراء فنظر الى شكواها باهمال.. وقالت انها ستطرق باب ممثل الامين العام للامم المتحدة والاتحاد الاوربي ومنظمات حقوق الانسان بعد ان تأكدت بان لجنة التحقق وُضعت لمعاقبتها والاف غيرها.


 

free web counter