| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                               الأربعاء 30/5/ 2012

 

ثلاث مشكلات في
"سحب الثقة"

عبد المنعم الاعسم

سحب الثقة، او التلويح به، عن الحكومات او الرئاسات او الوزراء او رؤساء الهيئات القضائية، من خلال السلطة التشريعية، ممارسة ديمقراطية برلمانية لا شائبة عليها، وحدثت وتحدث في الغالبية الساحقة من الدول الدستورية، وتدخل في عداد اجراءات الوقاية من الانزلاق، وشحذ الرقابة النيابية على سلوك السلطات الاخرى، وتكريس مبدأ المراجعة والمحاسبة والتصويب.

وقد مورس هذا الخيار، عراقيا، او طـُرح في التداول السياسي، منذ انتخابات العام 2005، ومعروفة للجميع الاسباب التي كانت تقف وراء الحديث عن سحب الثقة، وكانت الصراعات الفئوية والشخصية (وبنسبة اقل ما يتعلق باداء واخطاء رئيس الحكومة) تفرض نفسها في الغالب، فيما يتفاجأ الراي العام والمراقبون بان الامور لاتزال معتلة، وكأن شيئا لم يحدث.

هذا، اذا ما شئنا الصراحة حقا، او اذا ما نظرنا الى تجارب تشكيل الوزارات العراقية في عهد التغيير من زاوية مقربة وموضوعية، وهي احداث ليست بعيدة في الزمان والمكان، على اية حال، وعلينا ان نضيف، بذات الصراحة، ان ثمة محاولات لاختزال الازمة السياسية "البنيوية" لنظام ما بعد الدكتاتورية الى ازمة زعامة او اهلية زعامة.

وإذ يجري الان، وعلى نطاق واسع، مناقشة اللجوء الى "سحب الثقة" من حكومة "الشراكة الوطنية" فليس من قبيل كشف السر القول بان هذه المناقشة تتركز على شخص رئيس الوزراء نوري المالكي، سياسة وإداء، ومن هنا تبدأ اولى مشكلات هذا الخيار، فان التجربة اكدت بان استبدال الاشخاص لا يحل ازمة الحكم القائمة على معادلات افتراضية خاطئة، ومنتجة للازمات، كما ان "الرجل المنقذ" البديل وصاحب الحلول السحرية كف عن الخروج من زاغور تلك المعادلات، بديلا عن "الارادة الجمعية" التي اضاعت زخمها في سياق الصراع على السلطة.

ثاني هذه المشكلات يتعلق بالبرنامج الحكومي، البديل، فليس بين ايدينا إلا تسميات عمومية وانشائية لما هو مطلوب، وبعضها اشارات وصفية (صحيحة) للعلل والعثرات والاخطاء، واحسب (وهذا هو موضع هذه المشكلة) ان طاولات البحث في سحب الثقة عن المالكي لم تتناول العـُقد والملفات الاكثر خطورة في المشهد السياسي للحظة التاريخية، وهي ملفات يعرف المتابعون عن قرب وعورة المداخل اليها، ومنها، وفيها.

المشكلة الثالثة، يمكن قراءتها في هوامش "حركة" كابينة رئيس الوزراء لاحتواء قرار سحب الثقة، وهي هوامش يغطيها الدستور وتتيحها خارطة الكتل والمكونات البرلمانية، ويجري الحديث عن حكومة اغلبية او، في ما يقال عن حكومة تصريف اعمال تبقي ازمة تشكيل الحكومة لاطول فترة متاحة.

نعم، هناك ما يستوجب اعادة النظر بماكنة الحكومة، وقيادتها، لكن من اية زاوية ننطلق الى ذلك؟ تلك هي القضية.


"الثرثار، انسان تسأله عن الوقت فيشرح لك كيف صنعت الساعة"    
                                                                    حكمة مترجمة

 

جريدة(الاتحاد) بغداد

 

free web counter