| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

الأربعاء 30/7/ 2008



موسم الارتزاق

عبدالمنعم الاعسم

شبههم صديق كاتب بـ"حشرة في مغسلة" وقال انها تحاول الابتعاد عن الثقب بالتسلق فوق سطح املس في حين يداهمها السيل ويأخذها بالوعة ابدية، ومنذ ان حشرت الدولة بالحزب، وحشر الحزب بالفرد، وحشر الفرد بالطغيان والهوس، بدأت تتشكل طبقة الموظفين والاتباع مع قدر كبير من مهارة التسلق "على السطوح الملساء، وقد تم ذلك بعقود ثلاث من السنين، ثرمت الدولة البوليسية المنفلتة الالاف منهم، وحصرا المغفلين ممن نسميهم اكباش فداء.
مسيرة السنوات العراقية الخمس افرزت في مشوارها الصعب تجارا وموظفين وطنيين، سيرة ونزاهة، فيما خلقت بالمقابل، وبسرعة اسطورية، بطانة من الجهلة احتلوا مواقع خطيرة ومقررة، لا يقلل من بشاعتها ما يقال بان دولا كثيرة ابتليت بهذه الظاهرة، وان ترسخ قواعد الادارة العصرية القائمة على تكافؤ الفرص والنزاهة والكفاءة من شأنه ان يضيّق من مساحة هذه البطانة بالتخلف، فيما التجارب الحية لعشرات الدول تؤكد ان حزام البطانة هذا يضرب من حول الفرص والمناهج والقيادات ويصبح بمرور الايام نفوذا لا يقهر حال نفوذ المماليك الذين اطاحوا بامبراطوريات عتيدة.
وفي فترة قياسية قصيرة، تكوّن في الادارات الجديدة جيش من المنتفعين المحترفين وهم ما ينطبق عليهم المثل العراقي المعروف "يأكل بالطرف، وينام بالوسط" في إشارة الي الحصيف بدناءة، الشاطر بانتهازية.. فالذي يجلس علي طرف المائدة، خلاف من يتوسطها، يكون مطلق الحرية في حركته ومناوراته في الاغارة علي أطايب الطعام، أما النائم في وسط النائمين فانه سيكون ناجيا من محاذير السطو أو التعريض أو تصفية الحساب من جميع الجوانب:
وأصل المثل، كما تذكر كتب الامثال والكنايات ان ابن الفرات، وزير المقتدر العباسي، كان يحمي نفسه من الخصوم بان ينام وسط القاعة وحوله غلمانه، ويروي احد تجار بغداد انه قصد ابن الفرات وطرق بابه في الثلث الأخير من الليل "لعتاب له عليه" لكن الحاجب أبطأ ساعة، ثم ادخلني من دار أخري حتي انتهيت الي مرقده، وهو علي سرير له، وحواليه نحو خمسين فِراشا لغلمان له، كأنهم حفظةً، وقد قاموا، وبعض الفرش تنقل، وهو جالس في فراشه، مرتاعا".
ان الجلوس بطرف مائدة الولائم والتوسط في قاعة النوم ليس سوي تخليق لافاعي عاشت على آلام ومكابدات الملايين، وصورة اولية لجحافل الجراد التي تعد نفسها للهجوم علي المزروعات اذا لم تسدّ نوافذ الحدود امامها، وقد اختصرت دراسات الظواهر الجديدة في المجتمعات النامية توصيفهم بعبارة "القطط السمان" وترجمها العراقيون الى "هر المطابخ" ولنعترف ان الكثير منهم برعوا في الانتقال من رصيف الي رصيف ومن خانة الي اخرى، من غير ضجة أو جعجعة، وصاروا يعرفون مواسم الرزق، ويحفظون توقيتاتها وموجبات التعامل معها.
اكتب ذلك ونحن على مشارف موسم الارتزاق الكبير: الانتخابات.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
بعض مواطني دولتي من دون حياء.. اطردوهم"
                                              
فلاطون

 

free web counter