| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm13mm@live.com

 

 

 

الأثنين 2/2/ 2009

 

في كل انتخابات..
منتصرون ومهزومون

عبدالمنعم الاعسم

عندما رشح الموسيقار اليوناني ميكيس ثيودوراكيس نفسه الى رئاسة الجمهورية، وفشل (برغم انه مناضل من اجل الحرية وقد اعتقل من قبل السلطات العسكرية الانقلابية في بلاده) صرح انه كان يعرف مناسيب حظه البسيط في الفوز، وان ماكنة الاموال والدعاية ستحول بينه وبين المنصب الاول في بلاده، لكنه كان يحرص على دس الوردة البيضاء النزيهة في حقل التجربة لأسبق الدول الى خيار الديمقراطية "بعد ان شعرتُ ان رياحا عاتية تهدد برمي بلادي الى خارج المدنية" .

غير ان المعلقين والمحللين في اليونان واوربا انشغلوا طويلا في الاجابة على السؤال: لماذا لم ينتخب اليونانيون اشهر ما انجبته بلادهم من المبدعين والمناضلين، فكان الجدل يتدحرج الى الحقيقة التي تظهر في كل تجربة انتخابية: انه صندوق الاقتراع الذي تحكمه حزمة متناقضة من الاهواء والارادات والتأثيرات، وفي كل الاحوال، فان على المتسابقين ان يقبلوا بالنتائج، كما لو انهم كانوا يعرفونها، كما كان ثيودوراكيس يعرفها بحق.

في بغداد، شاهدتُ وناقشت مرشحين الى مجالس المحافظات، ودعاة ومناصرين، على جانب كبير من الانفعال والعدوانية، وهم يتحدثون بمفردات تهديد ووعيد، ويدخلون منطقة الخطر والحظر القانوني في تبشيع منافسيهم والتشهير بهم، ولعل الاكثر خطورة يتمثل في ما قاله احدهم "سنرجئ الحساب الى ما بعد النتائج.. سيرون اننا لسنا بمغفلين" وقال آخر "لن يزحزحوننا، لا بالانتخابات ولا بالقوة" وذهبت شعارات على الجدران في تجاوزِ للغة التنافس الديمقراطي الى ثقافة البداوة والتهديد "يا اصحاب القائمة الفلانية..سنلقنكم دروسا" غير ان الندوات واللقاءات المغلقة تذهب الى ابعد من هذه الشعارات المحدودة الانتشار، وتفيد الاخبار اللسانية ما يدعو الى العمل الجدي لتصريف احتقانات بدأت تصدر نفسها الى القاع من خلال تصريحات تتزاحم فوق السطح.

العبرة في التجربة الانتخابية تتجسد في مستويين، الاول، يتعلق بالنتائج، فلكل انتخابات نتائج يجري اعلانها، وبعد كل تنافس ثمة منتصرون ومهزومون، والثاني، يتصل في جوهر التنافس الانتخابي الديمقراطي، إذ يقبل المتنافسون تلك النتائج برحابة صدر، وان لا تستخدم النتائج سلاحا في تصفيات الحساب، ولا في قهر كرامات المهزومين او النيل من مواقعهم، وينبغي ان نعيد الى الذاكرة كيف اختار رئيس الولايات المتحدة الجديد باراك اوباما منافسته على الترشيح هيلاري كلنتون وزيرة للخارجية وهي التي سخرت منه خلال التنافس، وتشككت في قدراته واهليته خلال حملتها الانتخابية.

الانتخابات تمرين على الصعود مرتبة جديدة نحو التمدن. الهمج وحدهم يرفضون الصعود.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
لا ينبغي ان نخاف حين يكون الهدف بعيدا. نخاف حين يكون غامضا".
                                                                   غرامشي


جريدة (الاتحاد) بغداد

 

free web counter