| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

الأحد 2/1/ 2011

 

عالم جديد..
عالم عتيق

عبد المنعم الاعسم 

في عام 1940 لم يكن احد ليصدق ان مقياس الترانزستر سيصل الى 50 نانومتر، أي ما يقل بالفي مرة عن سُمك شعرة واحدة من راس الانسان. آنذاك، قبل سبعين سنة، بني أول حاسوب إلكتروني في العالم بلغ وزنه 27 طناً وضم في جوفه عشرات الآلاف من الصمامات وعدة كيلومترات من أسلاك النحاس وبلغت تكاليفه، عدة ملايين من الدولارات، وكان للمليون الواحد شأن.
ثم شهد العالم سلسلة من الثورات التكنولوجية في مجال الالكترونيات قبل التوصل الى ماسمي بالدوائر المتكاملة حيث استطاع العلماء تركيب مجموعة من العناصر الإلكترونية، شديدة التعقيد، على شريحة صغيرة من أنصاف النواقل وشاء هذا التحول ان يدخل كل بضائع الحياة من معلومات في تلك الشريحة العجيبة، بل انه فتح الطريق لسباق “مجنون” نحو المزيد من الاختراعات، التي بدت للمتابعين انها تتحقق على مدار الساعة.
قبل عشر سنوات لم يكن احد ليصدق بان تلك الشريحة السحرية ستقود العالم الى اعادة تنظيم فانتازية بحيث ستدار العديد من الدول من قبل “حكومات الكترونية” فالموظفون والمراجعون لن ينتقلوا من منازلهم، وثمانون في المائة من الشغيلة سيزاولون مهنهم عبر الشبكة العنكبوتية من المنزل، وان طلاب مدارس (تجربة جديدة في بعض الدول) سيأخذون دروسهم وهم على اسرتهم دونما الحاجة الى مدارس، فيما المدرسون يلقون محاضراتهم، هم ايضا، من مكاتب في منازلهم، وصار المتتبع يرفع كتفه بعدم الاكتراث حين يسمع خبرا علميا مثيرا، ولم تعد اخبار الانترنيت وفتوحاته بمثابة زلازل علمية.
بل ان حامل جائزة نوبل العالم المصري احمد زويل انبأنا بالامس ان العالم مقبل على طفرة علمية يحال معها الانترنيت على التقاعد، وان مقاييس التطور العلمي والتكنولوجي القديمة ستنكسر، والمشكلة، كما كان يقول العالم الفرنسي اندريه ماري امبير قبل مايزيد على قرن ونصف من الزمان ان ثمة بشر لا يعرفون هذه الانباء ذات الصلة بحياتهم، وقد طور برناردشو فكرة امبير بالقول بان بعض البشر لا يريدون ان يعرفوا، وفي العام 1930 افتتح اينشتاين المعرض الدولي للالكترونيات في برلين، وقال حينها: لا ينبغي ان تبقى شعوب بعيدة عن فضائل هذه الاختراعات الجبارة.
وهكذا وصلنا الى نافلة الكلام وربّاطه، ففيما يقفز العالم خطوات فلكية في طريق التطور، وتنفتح على مصراعيها فرص الانتصار على الطبيعة وتطويعها من اجل الرخاء والامن، فاننا، في هذا الارخبيل الكسول لا نزال نتخبط في عالم عتيق، اسرى الكهوف والرطانات والاوهام، والكلام الفارغ.
والمشكلة ان اولئك الذين لا يريدون التعرف على التطورات العلمية، كانوا موجودين دائما، وفي كل العصور، لكنهم الآن يملكون جزءا كبيرا من مصائرنا.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
من يعطيك الكلام الفارغ يطعمك بملعقة فارغة"
                                                 حكمة
 
جريدة(الاتحاد) بغداد

 

free web counter