| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                               الأحد 29/1/ 2012

 

هل هو عفو عام.. حقا؟

عبد المنعم الاعسم

حماسات الدفاع عن قانون العفو العام قيد المناقشة والتجاذب والتشريع، وحماسات الهجوم عليه والطعن في سلامة نياته وديباجاته، وحماسات الصمت عليه والتفرج على لعبة القط والفار من حوله، جعلت من هذا القانون لغزا، بالنسبة لذوي النيات الطيبة والسليمة والانسانية الذين ينظرون الى فكرة العفو العام باعتبارها واحدة من لوازم المصالحة وثقافة التسامح وطي صفحات الاحتراب والمكاره، ويتطلعون الى تشريعات اخرى تؤسس للسلم الاهلي والعدالة والحياة الآمنة.
وعندما يعود اصحاب النيات الطيبة الى مشروع القانون نفسه، ويطالعون مواده يكتشفون بان المدافعين عنه والمعارضين له والمتفرجين عليه، منشغلون في نصوص معينة، جزئية، فيما يضم المشروع مواد ونصوصا وتعيينات تدخل في تعقيدات الواقع الاجتماعي وافرازات عقود طويلة من السنين لايمكن معالجتها بالردع والقصاص المفرط بالقسوة قبل اخضاعها للبحث والدراسة ومعالجة الاسباب والظروف التي تقف وراءها.
غير ان ما يلفت نظر المراقب تلك العبارات والسطور التي تتقافز من التصريحات والتعقيبات ومن حماسات الدفاع والمعارضة والتفرج وتفيد ان لمشروع قانون العفو خلفية لا علاقة لها بالاتجاه نحو طي صفحات الاحتراب وظروف ما قبل انسحاب القوات الاجنبية بل تتصل باتفاقات سياسية فئوية سابقة، وانه فـُصّل على مقاس وعود بالعفو عن “محكومين” من جهة سياسية حصرا من دون ان يشمل محكومين من جهات اخرى، عدا عما يقوله مدافعون عن الحقوق المدنية عن تعارض بعض النصوص مع حملة مكافحة الارهاب او مع الشرائع والمعاهدات الدولية.
نعم، ثمة حاجة لقانون عفو عام يُنصف ضحايا الاضطرابات والتعقيدات السياسية وحالة الطوارئ والاحتقانات الطائفية والسياسية والفئوية، لكن المشكلة التي يواجهها القانون وهو يتنقل بين البرلمان والحكومة من مستويين، الاول، ان الظروف الامنية الاستئنائية والمتوترة لاتزال قائمة الآن، وفي حالة تفاقم، وان هذا العفو (بديباجته ومواده ومراميه) لن ينزع فتيل هذه الاخطار ولايسد فجوات الوضع الامني، بل وليس في نصوصه ما يعالج ظروف ارتكاب تلك الجرائم التي يتجه مشروع القانون للعفو عن المحكومين عنها، والثاني، انه لايعتبر جزءا من اجراءات المصالحة والتسامح والسعي الى حل الازمة السياسية المستفحلة، وتهدئة خواطر الشارع.
العفو العام، في تجارب الدول، خطوة خطيرة في بناء السلام الاهلي، تنطلق بعده الدولة الى التشييد، من دون ان تلتفت الى الوراء.
اما الذي تجري مناقشته، الآن في اروقة الحكومة ومجلس النواب، والتحمس لاصداره، او لعرقلته، او التفرج عليه، فهو، بصراحة، لايمت الى فكرة العفو العام بصلة.. انه اقرب الى صفقة سياسية، في وقت خنقتنا الصفقات السياسية ولم نعد نتنفس غيرها، لشديد الاسف.
 

“العقل كالبراشوت، يجب ان ينفتح”.
                                           انيس منصور

 

جريدة(الاتحاد) بغداد
 

free web counter