| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

الأحد 28/11/ 2010

 

معبرٌ آخر .. ضيّق

عبد المنعم الاعسم 

هو أكثر ضيقا مما نتصوره او يتصوره العابرون: دوامة من الخلف وسلامة من الامام، وليس ثمة طريق ثالث إلا وينتهي الى محذور الاحتراب، وما يترتب عليه من مآس، او الى فضاء التفاهم، وما يتبعه من فرص للبناء والشراكة، ومجد التضحية.
بتكليف الرئيس جلال طالباني مرشح التحالف الوطني نوري المالكي تشكيل حكومة جديدة اقتربت العملية السياسية من محطة لا تقل حرجا من المحطات التي قطعتها، ولعلها الاكثر حراجة إذ تتغير الادوات والاستحقاقات والتجاذبات من صراع الخنادق الى ما يفترض انه صراع الشراكة، ويحل حساب الاعتراف بحقوق الاخر، بوصفه حكم السياسة والواقع، محل حسابات تسقيط الاخربعد ان استنفذت مبرراتها وفرصها.
التعقيد في عملية تشكيل الحكومة يمكن قراءته، هنا، في ثلاثة استحكامات متلازمة، ومتفرقة ايضا، الاول، مسار الدستور الذي يحدد الصلاحيات وفروض الهياكل التنفيذية (بما يضمه الدستور من مشكلات في النصوص والتأويلات) والثاني، مبادرة اربيل التي ينبغي ان توضع موضع التطبيق بعد ان صوّت عليها مجلس النواب، وما تستلزمه من اجواء الثقة والمسؤولية، ولزوم التشريع، والثالث الاستحكامات، يتمثل في قواعد تقاسم المسؤولية الحكومية وتوزيع الوزارات بين الكتل الفائزة، بما يختزل القضية الى معادلات رياضية توافقية تعيد انتاج الاخطاء والصراعات السابقة إذا لم يجر نزع طابع المحاصصة، سيئة الصيت، عنها.
وهنا، لا مكان للتفاؤل، او التشاؤم، حيال امكانية تشكيل الحكومة من غير ارتداد الى مربع ما قبل التكليف، فثمة مؤشرات متداخلة، ايجابية وسلبية، بدأت تظهر على السطح، الاعلامي بخاصة، فمن جهة كفـّت التناحرات حول منصب رئاسة الوزراء الامر الذي هيأ الساحة الى خيار الحوار والتفاوض وتبادل الرأي وخذ وهات، ومن جهة ثانية، ما تزال بعض “الحافات” من الكتل تراهن على تفليش مبادرة الشراكة والعودة بالعملية السياسية الى الخنادق، مرة تحت نزعة احتكار سلطة القرار، ومرة اخرى، بهوس المعارضة والعرقلة والتعطيل.
بعض التصريحات التي يطلقها متنفذون في الكتل، هنا وهناك، تكشف عن فجوة ما تزال واسعة بين ابرز المعنيين بتشكيل الحكومة، كما تكشف عما هو اسوأ من ذلك حيث يتحصن بعضهم في اللغة السابقة لاتفاق الشراكة، وكأن شيئا لم يكن، او كأن الالتزامات التي صيغت وجرى التوقيع عليها لم تعد ملزمة لاصحابها، والاكثر غرابة في هذا المجرى، ما يعلنه محسوبون على كتل نافذة من شروط مسبقة إعلامية، قبل الدخول في مفاوضات، ولعل المراقب يفترض ان يكون المحسوبون على كتلة التحالف، المكلفة بتشكيل الحكومة، اكثر انضباطا من غيرهم، واكثر تخلصا من الجملة الاعلامية لما قبل اتفاق اربيل وقبل مروره في مجلس النواب، في الثالث عشر من الشهر الجاري.
من هذه الزاوية يبدو انه معبر ضيق الى فضاء السلامة، لكنه معبر سالك، وآمن، إذا ما تخلى العابرون عن التدافع.. وعن اغواء الشاشات الملونة.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
الذي يولد ليزحف لا يستطيع أن يطير"
                                      اليكس سافين
 

جريدة(الاتحاد) بغداد
 

free web counter