| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

الثلاثاء 28/9/ 2010

 

ماذا تبقى من العملية السياسية؟

عبد المنعم الاعسم 

اذا كانت العملية السياسية في العراق هي مجموعة التوافقات، وشراكة في المصير، بين فرقاء العمل السياسي الذين تصدروا عهد ما بعد الدكتاتورية، فان ما يحدث من تجاذبات وصراعات على خلفية تشكيل الحكومة هو، بكل بساطة، نقيض للعملية السياسية، وتخلٍ صارخ عن فروضها.

بعد هذا، فان العملية السياسية في العراق اكبر من حالة توافق بين خيارات سياسية متضاربة ومصالح متنافرة وزعامات لا ثقة مع بعضها، وذلك حين قضت هذه العملية، طوال سبع سنوات، بتشييد هياكل تنفيذية وتشريعية وسياسية للدولة العراقية الجديدة التي يراد لها ان تكون دولة دستورية ديمقراطية اتحادية، ومن هذا التوصيف وحقائقه الجارية الآن على الارض ينشق السؤال المدوّي عما تبقى من العملية السياسية، حقا؟.

فالهيكل الحكومي كف منذ زمن بعيد ان يكون اطارا للتوافق او الشراكة المصيرية وانتهى الى ما يشبه فارس لايظهر منه إلا رمحه، او ما يشبه الجزر المستقلة عن بعضها، وفي كل الاحوال، فقد اغترب هذا الهيكل عن لوازم الشراكة في ادارة الشؤون الخطيرة ذات العلاقة بحياة الملايين، والشراكة في المسؤولية عما يرتكب من خطايا ومفاسد وتقصيرات.

اما البرلمان الذي يحتل (وهكذا يفترض) موقع الضابط والضامن والوعاء للعملية السياسية فقد ساهم، كما هو معروف، في تعطيل التشريعات وعملية التحديث في نقطة حرجة، كادت، في كل مرة، ان تطيح بالعملية السياسية وتعرض البلد الى مخاطر الحرب الاهلية، وبكلمة، فقد وضع برلمان انتخابات 2005 اكثر من عصا غليظة في عجلات العملية السياسية، ليس في عرقلة خطوات التطبيع والبناء والتهدئة، بل وفي إمراره قوانين وسياسات وصفقات دخلت في اساس قواعد المحاصصة البغيضة بدل قواعد التوافق والشراكة والشفافية.

والغريب في مآل الاحداث يتمثل في ان الدستور بدلا من ان يكون مفتاحا لحل العقد والخلافات الناشئة بين الكيانات والكتل والزعامات فانه تحول بحد ذاته الى لغم تحت عجلة العملية السياسية بين مَن يمزق علنا احكامه والتزاماته واستحقاقاته، وبين من يتعامل معه باتقاء فئوي او طائفي، يقبل هذا النص لأنه يتوافق مع مصالحه ويرفض ذلك النص لانه مكلف بالنسبة له، وفي نهاية الامر، لم يعد الدستور مرجعية يمكن ان يحتكم بها المختلفون، كما لم يعد رادعا للذين يحضون على العنف والفلتان والعودة الى الدكتاتورية ولغة الحروب والاستئصال، مما نتابعه على مدار الساعة.

باختصار، فان ما تبقى من العملية السياسية الاطار الزاهي للصورة.. صورة الشراكة المصيرية، وثمة من اصحاب العملية السياسية من يتضايق حتى من هذا الاطار.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
عندما يركض ابطالي جيدا، القي في افواههم قطعة سكر"
                                                           وليم فولكنر


جريدة( الاتحاد) بغداد

 

free web counter