| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                              الأثنين  27 / 10 / 2014



جملة مفيدة

هكذا تكلم الزهاوي
قبل مائة عام

عبد المنعم الاعسم 

مائة عام بالضبط، ففي مايس من عام 1914 القى شاعر العراق جميل صدقي الزهاوي خطابا مدويا في مجلس المبعوثان في اسطنبول (مجلس النواب) وكان نائبا منتخبا عن لواء العمارة، بدأه بالسؤال التالي: "لماذا تجبى الضرائب من الفقراء عن دورهم ولا تؤخذ عن قصور ومضيفات (تكيات) أسرة آل عثمان وسائر املاكهم، مع انهم يتقاضون رواتب ضخمة من خزينة الدولة؟" ولم يسبق ان تجرأ خطيب او نائب ان عرض بالنقد امتيازات الحكام وصفوة المتنفذين كما عرضها الزهاوي الذي عرض نفسه، فيما بعد، للتنكيل.

ثم أردف القول، في قضية اخرى: "لقد أثبت تاريخ الامم انه كلما أشتد تضييق الخناق على أصحاب الاقلام والافكار كلما كان الانفجار عظيما وسريعا وها نحن اليوم نشرع قانونا يرمي الى محاكمة الكتاب والمفكرين قبل محاكمة المجرمين واللصوص".

ومن المفارقة القول بان الحكومة الحالية، وفي العام 2014 دفعت الى مجلس النواب "مسودة قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي" وهو نفس القانون الذي قدمته الحكومة السابقة، من دون تعديل، واثار استياء واسعا في الصحافة وبعض الاصوات النيابية، بالنظر لما يحتويه من نصوص تكبل حرية التعبير، وتبيح اعتقال المتظاهرين السلميين في عبارات استدراكية مثل "على ان لا تتعارض التجمعات والتظاهرات مع القانون او المصلحة العامة".

وفي لفتة اخرى قال الزهاوي: "لقد جاء في الآية الكريمة" إن الارض يرثها عبادي الصالحون" فلا يظنن أحد بان القصد من الصالحين هم العُبّاد والنساك، وانما القصد الصالحون لاعمارهم" وهنا ضج النواب الذين يتخذون الدين وسيلة للاثراء وصاحوا "إنزل يا يا كافرا" وهذه المواجهة تنفع اولئك الذين يبحثون باصول وموارد الغبار التكفيري الذي يهب على العالم، وينفذ اشنع فصوله في محاكم الشوارع التي تعقدها حثالات داعش في العراق ضد كل لا يبايع الردة.

وفي مناقشة اخرى مسّت، على الخفيف، شبكة فساد المؤسسة العسكرية العثمانية، حيث قدم جنرالات سلاح البحرية اعتراضا على تعطيل "اوقاف" وهمية تُصرف على "دعاة دينيين" قالوا انهم يؤمنون "تسيير البواخر بالادعية" فنهض الزهاوي وقال: "إننا نعرف بان البواخر تسير بالبخار فلماذا لا ننفق تلك الواردات على نشر التعليم ليتقن الناس استعمال البخار مادام هو الذي يسير البواخر." فعاد التكفيريون الى الصراخ وتهديد الشاعر بالقتل، فاضطر، بعد ذلك الى تقديم استقالته والعودة الى العراق، وفي بعض المحاضر ان نوري السعيد كان من بين الذين دافعوا عنه ومنع الهمج من قتله.
********
" نحن نفكر فقط عندما تواجهنا مشكلة" ....
جون ديوي - الفيلسوف وعالم النفس الامريكي
 

جريدة (الاتحاد) بغداد
 




 

free web counter