| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

الأربعاء 27/8/ 2008



لم ينكفئ الامن..
لكن شيئا من هذا حدث

عبدالمنعم الاعسم

قد يِعتبر اصحاب كابينة رئيس الوزراء ان الاعتراف بوجود ثغرات امنية و'انتصارات' حققتها قوى العنف والجريمة في الاسابيع القليلة الماضية من شأنه ان يطعن بهيبة الحكومة، ويعطي جرعة من التشجيع والثقة بالنفس للجماعات المسلحة، وقد يرى المسؤولون (وهم يرون فعلا) بان تجاهل الاختراقات التي حققها الارهابيون والخارجون على القانون في غضون الفترة القليلة الماضية سيطمْئن المواطنين الى 'اقتدار' السلطات الامنية على كبح جماح هذه الاختراقات، واظن ان مثل هذه التعبئة الاعلامية وذلك الاعتقاد عفا عليهما الزمن، في وقت يتابع الملايين من العراقيين، وعلى مدار الساعة، اخبار الهجمات والمفخخات والضحايا الذين يتساقطون بتزايد ملحوظ، وسط فضاء اعلامي مفتوح، ومتداخل.. وربما، وايضا، وسط ضعف، ولهاث، الالة الاعلامية الرسمية وتضارب خطابها واحداثياتها.. هل اذكركم بكوميديا حرب ديالى، حيث لا نعرف مَن يقاتل مَن؟.

في مثل هذا الحال، ومن مصلحة الحكومة، ودواعي الحفاظ على هيبتها وسمعتها ومصداقيتها، ومن لوازم التعبئة المنهجية للشعب، واحترام مخاوفه وقلقه، ولضمان الحاق الهزيمة بقوى العنف والجريمة، اقول، في مثل هذا الحال، ينبغي وقف مهزلة 'كل شئ هادئ على الجبهة الشرقية' والبدء بمصارحة الرأي العام بما يحدث من اختلال امني يضرب مفاصل رخوة في الدولة، واسبابه، وسبل تعديل موازينه، إلا اذا كانت السلطات الامنية، او مفردة منها، متورطة في هذه الاختراقات، او عاجزة عن القيام بواجب حماية حياة ابناء الشعب، واميل الى الاعتقاد بان شيئا من هذا يحصل فعلا.

ما يلفت الانتباه ان التصريحات الرسمية تواصل، من دون كلل ولا ملل، نشر الصورة الزاهية عن الاوضاع الامنية، وعلى نطاق واسع، اعتقادا منها بان مثل هذه الصورة تشجع دول المنطقة على اعادة علاقاتها الدبلوماسية مع العراق، وانها تدفع الشركات والاستثمارات العالمية الى التعجيل بالمشاركة في عمليات اعادة الاعمار وتحريك الدورة الاقتصادية العراقية الراكدة، وهو منظور مغرق بالوهم، ولا اقول بالجهل، ذلك لأن دول المنطقة والمؤسسات المالية والتجارية الدولية تراقب بعين'كشرة' ما يجري في العراق، وانها تتلقى (عدا عن الاخبار)تقارير ميدانية، واستخبارية، مدفوعة الاجر، ثم تبني مواقفها فوق سطح هذه المعلومات.

نعم، ان مشروع العنف والجريمة والتجييش والخروج على القانون، المستورد والمنتج محليا، قد اندحر في العراق(وفي العالم ايضا) وهو، موضوعيا، قد استنفذ شحنته وظلالاته، وبدأ، منذ حين، عَدّه التنازلي، لكن من الخطورة والاستغراق في التبسيط ان نعتقد انه استسلم الى مشيئة الهزيمة، او انه غير قادر على توجيه ضربات موجعة ودامية الى الجسد الامني في العراق، ويمكن الاستدلال باحدث المعاينات الدولية المحايدة، للقول بان الارهاب الدولي، في صفته الاسلامية المتطرفة، وفي موصوفه الجهادي والمليشوي الشائع غير قادر على تجديد، او تطوير، او تأهيل نفسه، وبالتالي غير قادر على الاحتفاظ بمعادلة الحرب على العالم والمدنية باسم(او بزعم) الحرب على امريكا، وهذا بحد ذاته مصيرٌ يمكن ان يُستثمر، ايجابيا، في العراق لو اُحسن التعاطي معه وفق سياسة تعبوية علمية، لاتخفي الحقائق عن الشعب، ولا تدس الاخفاقات خلف اللوحة الزاهية لحالة الاستقرار.. وطي لغة الاقتدار التي شبعنا منها.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
النجاح كالنهر، كلما ازداد عمقا قلّ ضوضاؤه"
                   
                               حكمة يابانية


 

free web counter