| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

الخميس 25/9/ 2008



نهاية مدير عام !

عبدالمنعم الاعسم
 
تدحرج الحظ السعيد (او العاثر كما سيظهر) لصاحبي وصديقي القديم (مجيد..) ليصبح عام 2004 موظفا كبيرا (مدير عام) في وزارة خدمية، وقد نال المنصب بصفة نادرة احتفظ بها في هذا الزمن العراقي (اليس عجيبا؟) هي الاستقامة والحيادية والنزاهة، وعُرف بصفحاته البيضاء وسيرته المهنية المتوازنة ورجاحة قراراته وسلوكه، وحُسن علاقاته مع رؤسائه ومرؤوسيه على حد سواء.

وصل صاحبي الى منصبه في ظروف مشجعة ومتاحة (وربما اسطورية) هي ان المرفق الحكومي الذي يديره لا تتزاحم عليه المحاصصة المستنفرة، ولا تحسده العين المالحة، ولا تشتهيه العتاوي الجشعة، إذ يحتفظ بميزانية مالية محددة، غير قابلة للانتفاخ والفيضان، ولا تدخلها خطوط 'الصفقات' عابرة الحدود والقارات، وليس لديها نثرية 'مفتوحة' على الحبربشية والحمايات والاسماء الموهومة، وان الفواتير والشؤون المالية لا تمر من بابه، ولا تسلم عليه، ولا تستنجد به في حال انحرفت الى اليمين او الشمال.

وفوق ذلك اتخذ (مجيد) عهدا على نفسه ان لا يدس يده او انفه او لسانه في شؤون الاحزاب والطوائف والقوميات والقبائل والمناطق والزعامات، وبقي على مسافة محسوبة من السياسة، يقيسها بوجدان نظيف، ويد عفيفة، وروح وطنية نقية مثل دمع العين، كما اقسم اغلض الايمان ان يترك الوظيفة والمنصب في اليوم الذي يُجبر على تعيين شخص لاعتبارات لا تمت للكفاءة بصلة، او على تعيين آخر في وظيفة هلامية(من وظائف هذه الايام) لكنه بالمقابل يتعامل بسخاء وانسانية مع اولئك الذين يتعرضون الى الاذى والتنكيل والاعتداء الارهابي والمسلح، من غير خوف من القانون او قواعد الوظيفة.

وعندما التقيته قبل شهور همس صاحبي في اذني بين الضحك والمرارة قائلا: 'الدائرة تضيق من حولي' كيف؟ قال : إنهم اجروا تغييرات في طبيعة المرفق وفتحوا منه ثقبا الى مجرى النهب برفع ابواب الميزانية، وثقوبا اخرى الى مجاري الصرف الصحي المرتبطة بما يسمونه 'مشاريع الاعمار' قلت له : لماذا لم تستقل او تحيل نفسك على التقاعد؟، قال : أخجل من نفسي ان اهرب كما يهرب المشتبه بهم والمطعون بنزاهتهم بعد ان يبلغ ثراؤهم حد التخمة ويصير على كل لسان ، ومن مجرى الحديث عرفت ان وظيفة صاحبي صارت مرغوبة من الحلقة الشيطانية التي تنتشر باسم الولاء لمراكز النفوذ، وان صاحبي في موقف حرج، فلا هو منهم، ولا هو يريد ان يجاريهم.

بالامس جاءني الخبر الذي كنت اتوقعه: لقد ابعدوني بقرار من فوق من دون سبب معلن غير السبب الذي تعرفه، ان لا اشتري الوظيفة بالولاء.. ولك ان تعرف كم انا حزين لاني لم اسمع نصيحتك باستباق الاقالة بالاستقالة.. انها الانتخابات يا صاحبي.. مجيد.

انها الانتخابات يا اصحابي.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
المفلس يجتاز السوق مسرعا"
                   
          مثل تركي


جريدة (الاتحاد) بغداد
 

free web counter