| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

السبت 26/4/ 2008



العراقية والحكومة

عبدالمنعم الاعسم

لا اتحدث عن القائمة العراقية التي يقودها الدكتور اياد علاوي (فلها حديث آخر) بل اتحدث عن مؤسسة الفضائية العراقية بمناسبة الجدل الذي يدور في المحافل عن احوالها وكفاءتها وسبل تأهيلها وترشيقها واستثمار 'الممتلكات' التي تحتفظ بها، وذلك على خلفية التغيير الذي جرى (أو أُجري) في رئاستها بالارتباط مع احداث البصرة ومدينة الصدر، وما قيل عن اضطراب الخدمة التلفزيونية للعراقية حيال الاحداث، وتحيزها الى مناهضي الاستقرار، وكذلك بسبب 'انها قدمت وجهة نظر الحكومة من غير حماسة تتطلبها المعركة التي خاضتها لفرض سلطة القانون' كما قال لي احد كبار موظفيها.

على ان الامر الاول في هذا السياق يتمثل في ان اقالة رئيس الفضائية حبيب الصدر لها علاقة وثيقة بالصراع بين الحكومة والجماعات المسلحة القريبة من التيار الصدري، وهي في بعدها السياسي تعد محاولة من رئيس الوزراء لـ'تنظيف' الساحات الاعلامية الحكومية من انصار تلك الجماعات او من اولئك الذين يحتفظون بعلاقات مع مراجع تلك الجماعات، وفتحوا لها اقنية اتصال بالجمهور خلاف ما كانت تريده الحكومة، على الاقل في مثل هذه الظروف المحرجة، وقد ازدحمت حافظة المعلومات (وربما الشائعات) المتسربة من داخل طاقم رئيس الوزراء بالكثير من وقائع الجدل والاتهامات والطعون التي شملت الكثير من الاسماء، ما يلقي الضوء على عمق الازمة وكم انعدام الثقة وسوء الظن بادارة 'العراقية' في المرحلة السابقة.

والامر الثاني يمكن قراءته في الخوف الذي عم الوسط الاعلامي من تكريس ظاهرة تغيير مسؤولي المرافق الاعلامية التابعة للحكومة (وتعيين بدائل عنهم) لاعتبارات فئوية وبشكل غير منهجي او متوازن، الامر الذي يجعل من صلاحيات التغيير سيفا مسلطا على رؤساء هذه المرافق ويحملهم على محاباه الحكومة، في الحق والباطل، وبالضد من لوازم الخدمة المهنية ورسالة الاعلام.

والامر الثالث، ان اعتلال الفضائية العراقية وضعف وارتباك خدماتها وانزلاقها، اكثر من مرة، الى حالة من التحيز السياسي والطائفي، والى إداء دعائي بعيد عن موجبات احترام التنوع في المجتمع، ليس فرضية او وجهة نظر، او اتهام عشوائي (ولكاتب السطور علاقة طيبة بالمؤسسة) بل هو اعتلال تلتقطه أية بصيرة موضوعية، من دون الحاجة لتحشيد شكاوى اخرى عن ميزانية تحت تصرف الفضائية تكفي لاطلاق ثلاث فضائيات، وتبديد الاموال الطائلة في وجوه غير سليمة للصرف، وتكرار التعيينات والتغييرات الداخلية الاعتباطية، وانتشار العطالة المقنعة في جميع الاقسام، وتزايد عدد البطانات وجزر القرابة والحبربشية.

اما الامر الرابع، فان علاج احوال 'العراقية' ينبغي ان يقوم على مراجعة انتقادية وبنيوية ومنهجية لتجربتها واعادة النظر في جميع هياكلها وخططها ومضامين خدمتها وادارتها، بما يجعلها مؤسسة وطنية تقف على مسافة محسوبة من الحكومة وسياساتها ومعاركها.. آنذاك، ستصبح العراقية عراقية حقا.


 


 

Counters