| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الخميس 26/4/ 2007

 


مناقشة هادئة لانسحاب الصدريين من الحكومة


عبدالمنعم الاعسم

لا اعرف، حقا، ماذا يعني الانسحاب من الحكومة، كاطار محدود للشراكة، ثم الاستمرار في التحالف معها في اطار اوسع. هذا غير جائز في علوم السياسة، لكنه، كما يبدو، جائز الى حد كبير وغير معقول في الحالة العراقية السوريالية التي يستعصي على علوم السياسة فهمها، وتأشير اتجاهاتها، والافادة منها حتى.
انسحاب التيار الصدري من حكومة نوري المالكي لا يعني شيئا كبيرا، كما لا يعني اختراقا بذاته، ما دام التيار، من حيث المبدأ، سيستمر كجزء عضوي في كتلة الاكثرية البرلمانية التي تدعم الحكومة ويتواصل باعتباره احد فرقاء العملية السياسية الاوسع، وفي الحالتين، سيكون التيار الصدري ملتزما برنامج كتلته ومفرداته ذات الصلة بالتوقيتات والاولويات والقرارات المصيرية، ووفيا لقواعد الشراكة السياسية الوطنية في مفهومها الموصول بالتهدئة وتحريم العنف والتضامن. يجب ان نتذكر هنا ان الصدريين انتقدوا، قبل حوالي شهر، قرار حزب الفضيلة بالانسحاب من كتلة الائتلاف واعتبروا ذلك بمثابة خطوة ضارة وغير مقبولة، فبماذا يختلف ضرر الانسحاب من الحكومة الائتلافية عن ضرر الانسحاب من الائتلاف؟.
غير ان انسحاب التيار الصدري من حكومة المالكي يثير حزمة من الاشكاليات السياسية، وقل الاسئلة، ابرزها ما يتعلق بتوقيت الخطوة في هذه الايام، وهنا ينبغي التقليل من شأن القول بان هذا الانسحاب املته رغبة التيار في مقاومة الاحتلال من الشارع، إذ سيجد نفسه وجها لوجه مع حلفائه القريبين، في السياسة وفي الطائفة، الامر الذي سيغيّر الكثير من المعادلات، كما ينبغي الاخذ بحذر القول بان البقاء في الحكومة سيقيّد حركة التيار في التعبير عن مطالبته بسحب القوات المتعددة الجنسية من العراق، اولا، لأن وجوده في الحكومة لم يكن ليمنعه طوال عام من التعريض بالوجود الامريكي والمطالبة بوضع جدول زمني لانهاء هذا الوجود، وثانيا، لأنه باستثناء كتلة النائب صالح المطلك، فان جميع الكتل الكبرى المؤثرة في قرار السلطة التشريعية لا تحبذ خيار سحب هذه القوات الفوري، او جدولة هذا الانسحاب في هذه المرحلة التي يصل فيها الاحتقان الطائفي الى اعلى مناسيبه الكارثية ممتدا الى البنية العمودية للمؤسسات العسكرية والامنية.
من جانب آخر، على التيار الصدري ان يدافع بقوة عن الدواعي العراقية لقرار الانسحاب من الحكومة، وبمعنى ما، عليه ان يفند التأويلات الاعلامية الواسعة عن علاقة هذا القرار بضغوط ايرانية تتعرض لها حكومة المالكي، في وقت تدخل خطة فرض القانون مرحلة حرجة بمواجهة التصعيد النوعي الاجرامي لاعمال الارهاب واقتراب الصراع من نقطة المواجهة المفتوحة والحاسمة، ما يفسر هذه الخطوة على انها محاولة لاضعاف موقف الحكومة، والاكثرية البرلمانية والعملية السياسية في هذه المواجهة حصرا.
لا بد للمراقب الموضوعي ان يمتدح صيغة انسحاب التيار الصدري على انها خطوة تستهدف كسر المحاصصة الطائفية، وفسح المجال امام الكفاءات الوطنية المستقلة المهمشة وغير الفئوية او الطائفية لاخذ مواقع المسؤولية، غير ان هذا المراقب يحتاج الى امثلة تطبيقية موازية على الارض تنزع فتيل الاحتقان الطائفي، وفي يقين هذا المراقب ان التيار الصدري يلعب في قلب هذه الساحة وباستطاعته ان يقدم لخيار التهدئة الكثير من الاسباب.. والخطاب.
 

ــــــــــــــــــــ
.. وكلام مفيد
ــــــــــــــــــــ
" طعم التبريرات لذيذ شرط ان لا يصدقها اصحابها".
ستيفنسون
جريدة(الاتحاد) بغداد