| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                              الثلاثاء 26/2/ 2013

 

الطائفية..
هل تكافحها الشرطة؟

عبد المنعم الاعسم 

رئيس الوزراء محق في تحذيره من تداعيات "الكلام بالطائفية" وخطورة انخراط "جهات سياسية" في التأجيج الطائفي، بل انها مسؤوليته، قُدما، حتى استخدام "الردع" لوقف الاستطرادات والشعارات والخطب التي تؤجج الحساسيات الطائفية، واحسب ان هذا الموقف السليم يثير جملة من الاشكاليات، يمكن إجمالها بالآتي:

اولا: ان الطائفية لا تُستأصل بالشرطة والقضاء، إلا في ما يتعلق بالمخالفات الجنائية المشار لها بالقانون، مثل إجبار السكان على تغيير منازلهم، او التمييز بالتعيين في الوظائف، او التعدي على حق الانتماء للطائفة والمذهب.. وما سواها. انها تحارب قبل كل شئ عن طريق الارادة (والادارة) التي تضع مصدات صارمة للطائفية لكي لا تدخل في شعاب السياسة والصراعات السياسية، وبواسطة الاعلام الهادف والموضوعي والاحترافي، وايضا، من قبل مراجع الطائفة ودعاتها، وهي تحارب بواسطة مناهج التعليم واروقة الجامعات والمدارس، وفي اطار برنامج حكومي واضح ومتوازن يقوم على فروض الادماج وحقوق المواطنة، وهي تحارب (بالاضافة الى ذلك) من قبل اشخص غير طائفيين.

ثانيا: ان الجيش ومحافل القضاء العراقي، في ظل الاستقطاب الطائفي وما نتج عن هذا الاستقطاب من صراعات وهياكل وحروب و"ثقافة" ليس بعيدا عن ممارسة الطائفية، أو عن الترويج لها، وهناك الكثير من الحقائق (إذا ما شئنا الصراحة) عن البعد الطائفي في تشكيل الملاكات الامنية والقضائية، وهي مصدر شكوى اتباع الطوائف الاخرى، وقد يقال بان هذه التشكيلات خاضت معارك ضارية ضد مليشيات الطائفة التي تنتمي لها، وهذا صحيح جزئيا، لكن الصحيح كله ان تلك المعارك كانت سياسية في المقام الاول، اي بين اتجاهات سياسية في داخل الطائفة.

ثالثا، ان الخطاب (والكلام) الطائفي الذي حذر منه رئيس الوزراء، عن حق، تمرّس في وظيفة الاثارة، وكوّن معابر مخاتلة الى الجمهور، ولغة دينية وفقهية وسياسية غاية في التمويه والغل والمناورة، واساليب (فقهية) ملتوية في الاستعارة والتضمين والتفسير والشرح والتعليق والاعتراض، وهو في وظيفته هذه يجسد مقولة "كلام حق اريد به باطل" اوضح تجسيد، وكل ذلك يمارسه متشددو الطائفتين من دعاة وساسة بابداع ومهارة، بحيث يصبح احيانا "كلمة سر" لا يعرفها غير الاتباع، ولا يمكن رصدها بالمجسات التقليدية، او بمراقبات الشرطة او عيون المحققين، حتى وإن كانت تبيح إهدار الدم وتتبنى الاستئصال الطائفي، وتحضّ على التجييش واعمال الذبح.

على ان اكثر المخاطر التي تترتب على الخطاب الطائفي تأتي من الساسة الذين عملوا، ويعملون، على ركوب الموجة الطائفية وصولا الى البرلمان والسلطة.. والى إذلالنا في نهاية المطاف.

*****

"
واجب الحكومة تجاه الدين ينبغي أن يقتصر على حماية رجاله المؤمنين به، ولست أعرف عملا آخر للحكومة في هذا السبيل". ...     توماس بين -  صحفي ومصلح ومخترع إنجليزي
 

جريدة (الاتحاد) بغداد
 

free web counter