كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

الجمعة 25/7/ 2008

مهزلة.. لا اعرف اسما آخر لها عبدالمنعم الاعسم لا اعرف ما إذا سيضاف مشهد مناقشات البرلمان العراقي صباح يوم الثلاثاء، الثاني والعشرين من تموز 2008 ونتائجها الغريبة الى سجل المفاخر البرلمانية العراقية، ام انها ستسجل في ملف المهازل التي يجري انتاج الكثير منها هذه الايام في البرلمان وفي غيره، ومضمونها "الشطارة" وفنون الاستغفال، وعبور المضايق الضيقة في جنح الظلام، واعلان الالتزامات في الغرف المعتمة، ثم التصرف خلافها على الهواء الطلق؟. على اية حال، يمكن ان نبتلع تلك المهزلة في حالة واحدة هي ان نعتبر هذا البرلمان برلمان حرب، او برلمان تحضير لوقود الحرب، وليس في هذا الامر غرابة او سابقة في التاريخ العراقي، فقبل خمسة الاف سنة، وفي عام ثلاثة آلاف قبل التاريخ، كما يذكر عالم السومريات، صموئيل كرومر، التأم اول برلمان في التاريخ على ارض العراق القديم وقد كان هدفه اعلان الحرب طبقا لمشيئة الملك حمورابي، اخذا بالاعتبار ان حرب ذلك الزمان كانت عنوانا للفروسية التي نفتقدها الآن. إلا أن الآثاريين كشفوا عن شريعة سبقت شريعة حمورابي في الزمن باكثر من مائة وخمسين سنة، وهي على هيئة قوانين بصدد تنظيم حروب الاجلاء بين السكان أصدرها الملك (لبت ـ عشتار) الذي اعتبر اول مشرع لقوانين الحرب بوصفها فروسية في التاريخ قبل ان يكتشف الاثاريون بعد ذلك في تل صغير يدعى (تل حرمل) لوحين مدونين بشريعة أخرى أقدم من لبث ـ عشتار، هي شريعة "اشنونا" نسبة إلى الملكة التي كان تل حرمل يقع في مملكتها، وهي الاخرى كانت تنشغل في ادارة الاحتراب وتامين بناء مقابر للفرسان الذين كانوا يتساقطون بعدد النمل. ومنذ ان استدل المشرعون الاوائل الى "اختراع" تجربة البرلمان، كميدان لتبادل الرأي والمشورة وخبرة الحرب، فقد كان في بالهم انهاء ظاهرة التامر والكواليس ودس السم في الشعارات ووجبات الطعام واللعب على الحبال، وكان هذا المعنى الاصلاحي المجرد قد دخل في اساس اول برلمان في اوربا اقيم في جمهورية ايسلندة التي لم تكن لتملك جيشا آنذاك، كما اعتمد في الدورة الاولى لمجلس العموم البريطاني العام الف ومائتان وخمس وستين ميلادية وفي تشريعات مجلس المبعوثان العثماني وجمهورية فايمر الديمقراطية الاولى في المانيا، في حين انتعش المعنى الاخر التآمري خلال تجارب برلمانية منبوذة في الرايخشتاغ الذي احرقه الهتلريون واتهموا خصومهم به لينكلوا بهم، والكنيست الاسرائلي الذي شرع لاكثر من ستة حروب خارج حدود اسرائيل. اقول، كان ابطال مهزلة الثلاثاء البرلمانية العراقية، قد لعبوا خارج الفروسية، واخرجوا لنا مسرحية هابطة، وقرار كيدي، وقصير النظر ضد الكرد، فدحظوا، بضربة واحدة، نظرية الشراكة في المصير الواحد، واعطوا للتاريخ فرصة ثمينة ليقول كلمته الاخيرة، بانهم لم يكونوا ليستحقوا اصواتنا النبيلة. ـــــــــــــــ كلام مفيد ـــــــــــــــ "حياتكم فتنة لأنفسكم، فإن انتصرتم عليها كنتم على غيرها أقدر"                                                               علي بن ابي طالب