| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الجمعة 25/5/ 2007

 

 

افول مرجعية


عبدالمنعم الاعسم

لم يسبق للامم المتحدة، منذ امينها العام الاول النرويجي تريغف هالفان لي(1946) ان وقفت متفرجة على ما يحدث في العالم من كوارث وانشقاقات وحروب واعتداءات كما هي الان في عهد الكوري الطيب بان كي مون الذي لا يتحمل، طبعا، وزر هذا المآل المؤسف للمرجعية الدولية، واغلب الظن، لا يتحمله اي امين عام سابق على تفاوت الجهود والطاقات والمحاولات التي بذلها اولئك الرجال الذين تتالوا على منصب قيادة المجتمع الدولي.
منذ ايام احصى معهد غربي ما يزيد على مائة وستين مشكلة تعصف بالاقاليم والدول الاعضاء مما تدخل معالجتها في مسؤولية المنظمة الدولية، لكنها تقف عاجزة عن تقديم اية مساعدة لتلك الاقاليم والدول، إما لأنها لا تملك اموالا كافية، او ان احدا لم يطلب منها التدخل، او ان اطراف الازمات لا يسمعون ما تقوله الامم المتحدة ويفضلون تدخل اعضاء اكثر هيبة وتأثيرا و”فلوسا”.
واللافت ان حماسة زعماء العالم لاستخدام منبر الامم المتحدة تراجع في غضون السنوات الاخيرة حتى ان الرئيس الايراني كان قد استفز الادارة الامريكية قبل اربع وعشرين ساعة من طلبه في مطلع سبتمبر من العام الماضي فيزا دخول الى الولايات المتحدة لحضور جلسات المنظمة الدولة وكان يأمل من ذلك ان يجري حرمانه من الفيزا لتوكيد عدم اهمية هذه المنظمة، وهي النظرية التي يتزايد ترويجها على نطاق واسع.
لنتذكر ان مندوبي الدول الأعضاء اضطروا في سبتمبر من عام 1968 الجلوس على مقاعدهم أربع ساعات كاملة للاستماع الى خطيب واحد سمح له بالاستطراد كل هذا الوقت وسط ذهول مسؤولي الجلسة الذين لم يستطيعوا التدخل، وكان الخطيب فيدل كاسترو لا يمثل في الواقع بلداً مؤثراً على خارطة العالم وليس له ثقل عسكري أو اقتصادي ذو قيمة استراتيجية.غير انه في عام 1995، وفي الشهر نفسه، لم يسمح لكاسترو الا بسبع دقائق ليلقي خطابا لم يلفت نظر أحد، وتلاشى صوته الجهوري في قاعة خلت مقاعدها من كثير من المندوبين، وكان نفسه غير آسف على ذلك.
ولعل كثيرا من الاحياء يتذكرون ما حدث في القاعة الكبرى في مبنى المنظمة الدولية في نيويورك حين خلع الزعيم السوفييتي الراحل نيكيتا خروتشوف عام 1960 حذاءه وهوى به على المنصة التي ألقى منها خطابه ملوحاً الى السفير الفلبيني الذي كان يتحدث مدافعاً عن السياسة الأمريكية ومهاجماً الشيوعية والاتحاد السوفييتي، وقد اغضب ذلك خروتشوف فقام من مقعده ومشى نحو المنصة الرئيسة وشتم المندوب الفلبيني وكان ذا جسم كبير وناصح قائلا للمندوب الامريكي: احتفظوا به.. فهو أكبر دعاية للرأسمالية المتهمة بتجويع الناس وافقارهم.
وفي الذكرى الخمسين لميلاد الأمم المتحدة عام 1995 تأمل كثيرون في الدور الذي يمكن ان تلعبه في اطفاء بؤر التوتر وتجسير الخيارات المتضاربة بين الدول واشاعة اجواء الثقة والبحث الموضوعي لتكوين ارادة السلم والاستقرار، وتوسيع الفرص أمام الدول الصغيرة لتساهم في صناعة القرارات المصيرية للعالم. غير ان قليلا من المتنبئين توقعوا ان الامم المتحدة سينتهي بها المطاف الى ما هي عليه الان، وكان الامين العام السابق كوفي عنان كثيرا ما يقف حائرا أمام استعصاء الحل للتوترات الناشئة، وكان يوحي لبعض مندوبي الدول التي تطلب النجدة من الامم المتحدة: لقد مضى ذلك الزمان، وكأنه يحنّ الى تلك الأيام الغابرة للمنظمة الدولية، حيث كان كاسترو يتحدث لساعات طويلة من دون مقاطعة وان يقذف خروتشوف بحذائه الى الصالة من دون عقاب.
ـــــــــــــــــــــ
..وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــــ
                  
“  وقد نهجو الزمان بغير جرم            ولو نطق الزمان بنا هجانا  ”
                                                                                                       الامام الشافعي
جريدة (الاتحاد) بغداد