| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الأحد 25 /2/ 2007

 

 

متى يصبح هذا الوزير.. رجل دولة



عبدالمنعم الاعسم

اما اسم معالي هذا الوزير فلا تتوقعوا مني ان اجازف برأسي لاعلنه على الملأ، واذا ما اعلنت اسمه فلا تتوقعوا انه سيلجا الى المحاكم للشكوى والتظلم واحقاق الحق وثمة طريق اقصر للقصاص يوصلني جثة الى ثلاجة مستشفى اليرموك، واذا ما اقتص مني، وعُثر على جثتي فلا تتوقعوا ان يجازف احد في اتهام معاليه حصرا بالتورط في الحادث.. وهكذا ستختزل القضية الى حادث، ولا من شاف ولا من دري.
ليس هذا مهما.. المهم ان معالي الوزير لم يعد يرصده احد على مكتبه منذ شهر ونيف إلا مرتين او ثلاث، وفي هذه المرات القليلة كانت العشيرة قد استنفرت، والتنظيم السياسي وُضع في انذار جيم، وطاقم كبار الموظفين، وغالبيتهم من العشيرة والتنظيم، اصدروا اوامر صارمة بمنع دخول المراجعين الى الوزارة، هذا اليوم، حتى اشعار آخر ، فيما اخذ اسطول الحُماة المدججين بالسلاح وضع انبطاح على سلالم الوزارة وحولها، ونُصبت الراجمات ومناظير الديجيتل على اسطح البناية، آنذاك يسأل الوزير سكرتيره وهو موظف مسلكي “شكو ماكو؟” يرد الرجل الذي يحمل ملفا ضخما بين يديه بالقول” كلشي تمام أغاتي” فيطلب اليه الانصراف ريثما يناديه بعد ان يلتقط انفاسه، ومن حقه ذلك، فالطريق من المنطقة الخضراء الى بناية الوزارة شاق، اكثر مما تتصورون، وبكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
عندما مدّ معالي الوزير راسه الى احد مكاتب الموظفين جفل وعاد مسرعا. نادى السكرتير على عجل: “ منو هاي السافرة؟” وقبل ان يجيب الرجل ازداد صراخ معاليه : “آني مو امرت ما اريد اشوف سافرة بالوزارة” اراد السكرتير ان يقول شيئا لكن زئير الوزير ارتفع: “ لا تكول لي هاي مسيحية..” لم يجب السكرتير وفضل الصمت، فيما الوزير يغلي ويولول، ولم يهدأ البركان إلا حين قال الرجل، ويبدو انه يعرف موضع تنفيس بالون وزيره:” أغاتي.. عدكم موعد ويه التلفزيون.. كلشي تمام.. الاسئلة والاجابات جاهزة” آنذاك هدأ معاليه وسحب من احد ادراج مكتبه قارورة عطر لماء الورد. سكب منها قطرات في يديه ثم لطم بهما وجهه، وانصرف على الفور الى مهمتين عاجلتين، الاولى تهدئة النفس حتى لا تظهر علائمها المتجهمة على الشاشة الملونة، والثانية، قراءة الاجابات التي اعدها كتبة الوزارة ردا على اسئلة مراسل التلفزيون، المتفق عليها.
هدأت خواطر الوزير بعد اللقاء التلفزيوني، لكنها سرعان ما تكدرت عندما قرأ بطريقة مدرسية متعثرة سطورا على ورقة مصورة عن جريدة محلية تشير الى شكوى على الوزارة، آنذاك صرخ بالسكرتير: “كلي هذولة ما عدهم غير هاي الوزارة يشتكون عليها؟” لم يجب السكرتير على هذا التساؤل الفج، وقد يكون يعرف الجواب لكن حوصلة الوزير اضيق من ان تستوعب دواعي الشكوى ونحيب المشتكين، ثم قال له ليغير مزاج معاليه: “أغاتي.. العفو.. سيد رؤوف ينتظر في غرفة الاجتماعات.. فات الموعد وياه نص ساعة” فاستنفر الوزير وسحب من درج المكتب قارورة ماء الورد. سكب منها قطرات في يده. لطم وجهه بعجالة، وركض الى لقاء ضيفه.
عندما قارَبَ دوام الوزير على الانتهاء كان قد انجز مهام مضنية حقا، كان قد حلل فيها خبزته، بينها اكثر من عشرين مكالمة على ثلاثة من اجهزة التلفون المحمول، عشرة منها مطولة لا علاقة لها بشؤون الوزارة أوشجون الناس، وبينها صلاة الظهر الى فاطر السماوات والارض، اعقبها لقاء مع صديق قديم، تناول ذكريات عن ايام اوربا التي لم يتعلم منها معالي الوزير، ولا صفة واحدة من صفات رجل الدولة.
ـــــــــــــــــــ
..وكلام مفيد
ــــــــــــــــــ
“امشوا حفاة، فانكم لا تدرون متى تكون الجولة”.
                                                      عمر بن الخطاب