| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

الخميس 25/9/ 2008



تجمع قوى 22 تموز ..
ثمن الانتصار

عبدالمنعم الاعسم
 
في البدء، لابد من القول، اولا، ان التجمعات والمحاور والاستقطابات والتحالفات البرلمانية امر شائع ومعروف إذ تنعقد، احيانا، بين نواب خصوم او متصارعين او متناحرين يتفقون على مفصل واحد من مفاصل القضايا المطروحة للنقاش والتصويت، وفي غالب الاحيان، تنفرط هذه الائتلافات المؤقتة، حين تنتقل المؤسسة التشريعية الى سياق مناقشة واقرار قضايا جديدة.
ولابد من القول، ثانيا، ان تجمع "قوى 22 تموز" الذي تشكل في خضم النقاشات البرلمانية، والتصويت،على قانون انتخابات المحافظات وقضية كركوك، حصرا، ينتمي الى هذا الشكل من الائتلافات التي تجري عادة في البرلمانات حديثة التجربة ومتعددة الاوزان والخيارات، وبهذا المعنى، فان التجمع المكوّن، في لحظة التصويت على المادة 24 من القانون الخاص بانتخابات مجلس محافظة كركوك من نواب، من اربع كتل هي القائمة العراقية وجبهة الحوار والتيار الصدري وحزب الفضيلة بالاضافة الى نواب من كتلتي التوافق والائتلاف ومن المستقلين يُعدّ ظاهرة صحية برلمانية محكومة بالظرف العراقي المتقلب بين سلسلة من الاستقطابات اليومية التي تجر الكتل الكبيرة والتحالفات الرئيسية الى تحديات اكبر من ادواتها السياسية والتنظيمية، وتضعها امام استحقاقات خارج ارادتها، وكان سيصبح نفسه كتلة كبرى وذات تأثير نافذ.
ولابد من القول، ثالثا، ان التجمع لم يكن قد تشكل على خلفية برنامج سياسي ومفردات ترسم تصورات لحل الازمة السياسية في البلاد، كما لم يقترب، وحتى الان، بعد مضي شهرين على تشكيله، من القضايا الملحة المطروحة على جدول البحث في البرلمان وخارجه، بل انه تمترس في خندق كركوك، خشية ان خرج منها الى محذور التفتت، في حين فشل في بناء هياكل لمعاركه وحتى في اختيار ناطق باسمه، وذهب المتحدث باسم كتلة التوافق الى الشكوى من اصرار بعض اطراف التجمع على عرقلة انتخابات كركوك.
ولا حاجة لكثير من التأمل والتشريح في عمق اسباب وظروف ومواقف هذا التجمع لكي نؤشر الحقيقة التالية: ان قوى 22 تموز إذ نجحت في التحشيد البرلماني على خط كركوك والعبور بالنواب المصوتين من فوق الاستقطاب الطائفي البغيض فانها سقطت في الاستقطاب القومي الاكثر بغضا، وحملت بعض تصريحات الفرقاء المنتصرين زهوا من نوع عنصري اقرب الى شفاء الغليل حيال المكوّن الكردي، واللافت ان هذا البعض استخدم في التعبير عن نفسه (كجبهة ضد الاكراد) ذات مفردات التجييش التي انتشرت قبيل تفجيرات سامراء، وشحنت الاجواء بالمكاره.
انها دورة سياسية قد يرى فيها بعض المحللين (والمتعاطفين مع قوى 22 تموز) فضيلة آنية لاحتواء الفتنة الطائفية وتسجيل حالة انتصار برلماني عليها، لكن الموضوعية توجب رصد الحقيقة التفصيلية المفزعة المتمثلة في ان الفتنة الطائفية لا تزال تكمن في "مؤسسات" سياسية وفي اشكال مغايرة وتدس رأسها تحت البُسط الانيقة فيما جرى تحريك العداء القومي وإطلاقه من حلقات شديدة الخطورة، ليس على مصير التجربة البرلمانية في العراق، بل وعلى مصير العراق كله.
إذْ صار لدينا، بدل الفتنة الواحدة، فتنتان.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
العنصرية عداوة مطلقة، لا تدعو فقط إلى فصل الأجساد، بل أيضا الأرواح"
                   
                                                                 مارتن لوثركينغ

 

free web counter