| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

الأثنين 25/8/ 2008



كامل..
من اية جهة اغاروا عليك؟

عبدالمنعم الاعسم

لا سبب لرحيلك الفاجع العاجل عنا، عزيزي كامل، مقتولا، ثم محمولا فوق الاعناق، ملفوفا بالراية والمناديل والدموع، غير انك فائض عن حاجة البرابرة، زائد على مقاسهم، عابر كل تاريخهم وابجدياتهم، وانك، فضلا عن ذلك، كامل، وهم ناقصون، وانك كاتب ومفكر وطليق، وهم جهلة ومغلقون، وانك مطلوب للمحبة، وهم مطلوبون للقصاص .. انها اسباب كثيرة، كما ترى يا صديقي لأن يغتالوك في وضح النهار، يكفي ان اسمك ينهض على احرف ساطعة اربع، وهم يخوّضون في الجريمة المروعة بلا اسماء. انت المقاوم الحق، بما في قلبك من ايمان بجدارة الفقراء ان يتحرروا من العوز، وباستعداد السنابل ان تستقوي على ريح عارضة، وبفضيلة الكتاب ان يتحدى .. اقول، انت المقاوم الباسل، وهم القتلة الجبناء: لك المجد، ولهم العار.
حقا ان استشهاد الاحبة غربة، فكيف اذا كان احبة الشهيد غرباء عن اوطانهم، والشهيد غريب في وطنه، فيما الوطن يغترب يوما بعد آخر في طابور من الجنائز، وبين صف من السيارات المفخخة، وطي مواخير ومستنقعات وحدود تقذف بحثالات ملثمة، مدربة على القتل.. قتل اشرف النساء والرجال، واجمل الاطفال.
لكن نبأ سقوطك بارقا نحو التراب، او ارتفاعك مؤتلقا للنجوم، لم يكن مرقّما في قائمة اخبار شهداء ذلك اليوم، لاننا اعتقلنا عن تفسير ما يحدث، فما عسانا نقول لخواطرك الفكرية وقد انكفأت في ارواحنا وجحضت عيونها؟ وماذا سنقول لاوراقك الناصعة البياض وانتباهاتك العميقة ونبوءاتك المبكرة حين تتحول جميعا الى علامة استفهام عن مسؤوليتنا عما حدث لك ولاحلامنا وللوطن؟ هل يكفي القول انك انتهيت الى سهم، انطلق الى جهات مجهولة ولن يستدير؟ ام نقول انها خسارة فادحة، فنغسل وجوهنا بماء الفجيعة والخذلان والمواساة؟.
اقول، ماذا سيحل بكتبك؟ آه.. اتذكر في حزيران الماضي، يوم كنا على موعد غداء في إدارة إذاعة الناس ببغداد إذ تأخرتَ عن الموعد، فانقذفنا الى قلق عليك. قال صديقنا ومظيفنا خليل الموسوي انك، في العادة، لا تتأخر، والتأخر عن موعد في بغداد يحرك الظنون ويبرر المخاوف، غير انك، فجأة مثل بشرى، وصلتَ الينا مسبوقا بقهقهة قطعتْ الرصيف، وعبرتْ من فوق ضجيج مولدات الكهرباء المشاكسة، ودخلتَ حاملا ابتسامتك وكتبا، تماما كما كنتُ اراك، فتى تحمل الكتب وتعكف عليها، قبل ما يزيد على خمس وثلاثين سنة في حي الحرية، الاولى، ببغداد، واتذكر، في لقائنا، قبل عام، في مقهى بحي كنزنكتن بلندن، إذ لم تنفكّ تتحدث عن سحر الكتاب، ورسالته.
ايها الباسق، الهادئ، الفيلسوف، المثابر، المفكر، الطيب القلب، الواثق بما حوله، الساخر مما يهدده، اسألك، من اي جنب جاءتك الرصاصة؟.

آه انها لتوجعنا جميعا.

ـــــــــــــــ
كلام مفيد
ـــــــــــــــ
"
فلا تبعد، فكلٌ سوف يبقى
                                شعوبا يستدرّ بها المدار
"
                   
                                المهلهل التغلبي في رثاء اخيه

 

free web counter