| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                                         الأثنين 25/7/ 2011

 

مذبحة اوسلو.. متطرفو الديانات في مستنقع واحد

عبد المنعم الاعسم 

مذبحة النرويج التي قتل خلالها ما يزيد على مائة مدني واصابة المئات، ارتكبها شابٌ يميني، عنصري، بدم بارد وبتصميم انتحاري دقيق، مخطط له، محسوبة، كما كشفت التحقيقات الاولية، عن مسؤولية “اليمين المسيحي المتطرف” المحلي الذي عُرف بمعاداته لاتباع الديانات الاخرى، وللمهاجرين الاجانب، ولم يكن هذا الحادث ليثير استغراب متابعي نشاط هذا التنظيم المسيحي في النرويج وبلدان اوربية اخرى إلا في همجيته واستعداد بطل الحادث لارتكاب مثل الجريمة الشنعاء بحق حشد غالبيته من اتباع الديانة المسيحية من غير ان يرف له جفن.
وليس من غير مغزى ان تنصرف الاخبار المبكرة عن المذبحة، وقبل ان يجري التعرف على مرتكبها أندريس بيرنج بريفيك، الى اتهام الجماعات الاسلامية الجهادية المتطرفة بالحادث، فان التنكيل الجماعي العشوائي بالمدنيين كسلوك سياسي هو “هوية” معلنة لهجمات متطرفي الاديان والجماعات العنصرية في كل مكان في العالم، بل ان الجماعات المتطرفة هذه تتعلم من بعضها تقنيات القتل الجماعي والهجمات الاجرامية على المراكز المدنية، على الرغم من انها تقع على طرفي معادلة التطرف وتتبنى مناهج الكراهية ضد ديانة بعضها البعض.
بل ان متطرفي الديانات يقتلون من اتباع دياناتهم بالهجمات التنكيلية المسلحة اضعافا مضاعفة مقارنة باعداد ضحاياهم من اتباع الديانات الاخرى. القاعدة التي تتوعد بـ”النصارى واليهود” قتلت من المسلمين ما يزيد على عشرين ضعفا من اعداد المسيحيين او اليهود الذين سقطوا بعملياتها الارهابية، وضحايا مذبحة اوسلو ليس بينهم مسلما واحدا.
في علم السياسة وتجارب الصراع بين العقائد ثمة نظرية معروفة بمثابة حقيقة تفيد بان اقصى اليمين يلتقي في سلوكه السياسي والحركي مع اقصى اليسار على الرغم من العداوة الفكرية بينهما، وهي التعبير عن لقاء “الاقاصي” من منظومات التفكير التي تعرف احيانا بالتطرف او التشدد او الغلو في تبادل التجارب والشعارات، وفي ما هم اهم، حيث تناصب هذه الاقاصي العداء لفكر الاعتدال والتسامح والوسطية والواقعية، وتعدها خطرا عليها، بل وتضع المعتدلين في مقدمة الخصوم الذين ينبغي تدميرهم.
ومثلما يتخندق المتطرفون المسلمون في عبارات منتزعة من قدماء فقهاء العنف للاستقواء بها على الضحايا والاسترشاد بها الى المذابح وطبول الحرب والتجييش فان سفاح اوسلو هو الاخر احتمى بمقولة نازية قديمة للفيلسوف الانجليزي جون ستيوارت ميل تقول “مؤمن واحد يساوي مائة الف من الاشخاص (غير المؤمنين) الباحثين عن المصالح فقط” ولا يعني هذا المعيار في حساب قيمة البشر إلا إحياء لابشع غريزة عنصرية، فيما عُرف بان الجماعة المسيحية النرويجية المتطرفة “نورديسك”التي تضم المئات من الاصوليين المسيحيين الارهابيين كانت تعدّ انتحاريين لتنفيذ هجمات عقابية ضد المدنيين والمؤسسات الحكومية المدنية للتقرب الى الروح القدس.
فمن علّم هؤلاء فنون الانتحار ومن علّم اولئك فنون التفجير.. والعاهة واحدة؟
 

"الكلاب تنبح في وجه كل من لا تعرفه"
                                                 هيراقليطس
 

جريدة(الاتحاد) بغداد



 

 

 

free web counter