| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

malasam2@hotmail.com

 

 

 

 

الثلاثاء 24/7/ 2007

 


 

الفيحاء.. سنة رابعة


عبدالمنعم الاعسم

تدشن فضائية "الفيحاء" العراقية، هذه الايام، عاما رابعا في مسيرتها المثيرة للاهتمام، والجدل ايضا، وسط ازدحام "فضائي" لا سابق له على ابواب وسماء ومنازل وناظر العراقيين، بملامح عراقية واخرى لا ملامح لها.
ثلاث سنوات، يمكن ان تكون رمشة عين في عمر التجارب الاعلامية في مسعى الوصول الى الجمهور، لكنها ليست كذلك في حساب الاحداث العراقية العاصفة التي طحنت كما هائلا من الوقائع والانفس والسياسات والجيوش والمقامات والاقنية الاعلامية والثروات والخرائط والمغامرات، مما لم يسبق له نظير في التاريخ المعاصر.
كانت الفيحاء قد دست نفسها، بحياء وتردد ومتاع بسيط، في هذا الكون العاصف من الانواء السياسية والاعلامية، وقد كان المتفائلون قليلين بمستقبل هذا الوليد الجديد الذي يواجه اقنية باذخة، سليطة اللسان، وموصولة بالنفط والمشايخ والوجاهات وبجيش من المستشارين والسماسرة، فيما هو فقير، رث الثياب، متعثر العبارة، لا يزال يقيم في البيدروم او في منازل من صرائف وتنك، ولا يجيد المخاطبة بالمعالي واللسان المهجّن، لكنه يحسن شيئا لا يحسنه الاخرون: الهتاف من الروح.
اقول: ثمة القليل من المتنبئين مَن راهن على قدرة هذه "اللهجة النبطية" العراقية المنسية ان تتحبب الى هذا الحد، وان تدخل دورة المسامع والتداول بمواجهة لغة الصالات الفخمة، ولهجات سوق المياعة، وكان عهد الدكتاتورية قد الحق تحريم حقوق اللهجات العراقية بقمع حقوق الانسان العراقي، وكان لا بد من كسر هذا الباطون البارد، والامر كله بدأ كصورة للحلم مقابل صورة الواقع. حتى خيل للكثيرين انها لا تعدو عن كونها اذاعة وصورة.. أو صورة ناطقة.. بورتريت.. ولم تكن لتلفت نظر المتعاملين في بورصة الاعلام، لكنها، بالمقابل، مست نبضا حيا في قلوب جمهرة عراقية مهمشة، مكلومة، خائفة من المستقبل، سرعان ما تنامت بالعرض والطول، وقبل ذلك، تنامت على ارض الواقع مع تدهور "المشروع السياسي" للتغيير وسقوطه المدوي في المحاصصة والفساد والضحك على الذقون، ومع هجوم جحافل الردة والارهاب، والدشاديش القصيرة الانتحارية والجريمة المنظمة وفلول النظام السابق، ومع ظهور طفح الطائفية في السياسات والثقافات والاعلام وسوق الخردة.
لم يكن عود الفيحاء قويا، بل لا احد كان يتوقع ان تكون عصا موسى تلتهم كل هذه الخرافات والافاعي واستحقاقات التدهور، لكنها، منذ البداية، التصقت بفكرة بسيطة ومغامِرة، هي فكرة الانتصار، وإنْ لم يكن لتلك الفكرة ظلال على الارض او جيوش قيد الاوامر، فكان ذلك مرهما، لنقل واهما، لاوجاع الملايين التي تكالب عليها الجيران والكلاب السائبة.. الملايين التي تكابد وتشيّع ضحاياها يوميا وتفزع من مشاهد الرؤوس المقطوعة على يد برابرة ومليشيات ورجال يفتون بآيات فصيحة، من مساجد، بازهاق الارواح البريئة التي حرم الله قتلها.
مشكلة الفيحاء، هي مشكلة الانتصار نفسه.. بعيد، لكن لا مفر منه، وحتى تختصر الطريق اليه فهي بحاجة الى مزيد من انضباط الاداء والتوازن والحساب الدقيق لخفايا الايام والاحداث والاقدار.
لها الدعاء بالوصول.
ـــــــــــــــــــــــ
كلام مفيد:
ـــــــــــــــــــــــ
" لا تحاول أن تجعل ملابسك أغلى شيء فيك حتى لا تجد نفسك يوماً أرخص مما ترتديه "
                                                                                         حكمة مقترحة من احد القراء
جريدة (الاتحاد) بغداد-الثلاثاء 24/7/07