| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد المنعم الأعسم

mm14mm@yahoo.com

 

 

 

                                                                                         الخميس 23/6/ 2011

 

العراق
ونفوذ الدول المجاورة

عبد المنعم الاعسم 

يُعد العراق من مجموعة الدول التي تمر في حالة اضطراب وعدم استقرار، او بالمصطلح المدرسي: حالة انتقال شديدة التعقيد والتداخل مصحوبة بانشقاقات سياسية على مستوى المكونات، وفي داخل كل مكوّن.

والمهم هنا الإقرار بان الدولة العراقية تعاني من ضعف في مفاصل كثيرة، لعل اخطرها المفصل الامني الذي يكشف، في ما يكشف على المستوى الوطني، عن هشاشة كفاءة الدفاع عن البلاد ونقص مستلزمات حماية السيادة، في منطقة محاور متصارعة وسباق تسلح واطماع توسعية خارج الانضباط فضلا عن هوس تصغيات الحساب بين هذه المحاور وبينها وبين الاستراتيجيات الامريكية على الارض العراقية.

ولايقلل من تأثير هذه المحددات على الوضع العراقي كل ما يقال عن تطمينات والتزامات اقليمية ودولية حول احترام ارادة العراقيين وسيادة بلادهم، لأن هذه المحددات تتم باشكال بالغة الدقة وعبر اقنية مختلفة ومتشابكة ومفتوحة، استخبارية ومالية ولوجستية واعلامية، تضاف لها تداعيات تفكيك دولة الدكتاتورية، ووقوعها تحت قبضة القوات الاجنبية وما ترتب على ذلك من اختلال في التوازن الامني الاقليمي.

وإذا ما سمينا الاشياء باسمائها، وكما هي في الواقع، فانه من الضروري الاشارة الى ثلاثة محاور اقليمية تحيط بالعراق وتمارس تاثيرها ونفوذها وضغوطها على وضعه الامني والسياسي، هي المحور السعودي (الكويتي) والايراني (السوري) والتركي التي جميعا تضع العراق على اولويات اهتمامها ومجال نفوذها وخطط التأثير في احداثه ومراقبة مسارات بناء الدولة الجديدة وشكل هويتها وتحالفاتها وطبيعة سلطتها، والتدخل فيها، ومن الطبيعي ان لايرى المحلل كفاية من المعطيات على سلامة ونزاهة وصدقية تعامل هذه المحاور مع خصوصيات التكوين العراقي وموجبات تطبيع الاوضاع في البلاد، كما لايستطيع ان يفاضل بين هذا المحور او ذاك، او يفترض اخلاقية هذا التدخل او سواه، إذا ما وضع مصلحة العراق وحاجته الى الاستمرار على الخارطة.

ومن البديهي ان تجد هذه المحاور، في مثل الحالة العراقية المضطربة والمتشظية، وسطا سكانيا وسياسيا تتماهى فيه وتحمـّله نفوذها واجندتها وتدير بواسطته صراعاتها مع بعضها الاخر، كما انه من البديهي، ان تجد هذه المحاور متطوعين ومتحمسين في داخل الخارطة السياسية العراقية، تستقوي بهم ويستقوون بها، وليس مبالغة في القول بان الكثير من فصول هذا المشهد التاريخي تُنفـّذ بالكثير من الشفافية وبرود الاعصاب والانسيابية، وكأن هناك اشارات مرور تنظم حركة التواصل، وتضمن استمرار حالة الاضطراب وعدم الاستقرار لكن بادوات (شعارات) محلية تتولى تحقيق الهدف بالنيابة.

على هذا السطح نستطيع ان نتفحص، بهدوء، كيمياء النداءات التي تنطلق بين وقت وآخر (من شخصيات او فئات عراقية) وهي تدعو الى درء خطر النفوذ من محور واحد بعينه، فقد يكون هذا النداء مأجورا لمحور آخر يمتلك نفوذا لايقل خطرا عن سواه، وقد يكون معروضا للبيع في بورصة الصراع بين المحاور.

لكن الغش يظهر واضحا في حمية البعض من النداءات المحلية التي تبرئ هذا المحور او ذاك من ظنة التمدد في الشأن العراقي وإفساد نسيجه . اما الوجه الآخر لهذا الغش فيمكن قراءته في القول ان هذا المحور او ذاك يهمه احوال هذه الشريحة العراقية او تلك وحمايتها حين تتعرض الى التنكيل.. فمن ينكل؟ ومن يحمي؟..

ـــــــــــــــ
"وإن كــنــتَ لا تــــدري فالـمـصـيـبـةُ أعــظـــمُ
"
                                                      شعر 


جريدة (الاتحاد) بغداد
 

 

free web counter